للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذه جملة أقسام الممكنات وسيأتي الكلام في كل قسم منها إن شاء الله تعالى.

[فصل]

ذكر أهل السير أنه وجد في السفر الأول من التوراة: إن الله تعالى خلق جواهر ثم نظر إليها نظر الهيبة فذاب الجوهر، وصعد منه دخان، ورسب منه رسوب، فخلق سبحانه من الدخان السموات ومن الرسوب الأرض ويدل على ذلك قوله تعالى: ﴿أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما﴾ (١) وأحكم جلت قدرته خلق المجموع في ستة أيام.

قال بعض العلماء: إن اليوم في اللغة الكون الحادث، والأيام هاهنا مراتب مصنوعاته؛ لأن قبل الزمان لا يمكن تجدد الزمان، فمن الأيام الستة: يوم لمادة الأرض ويوم لصورتها ويوم لمادة السماء ويوم لصورتها ويوم لمكملاتها من الجبال والكواكب والنفوس وغيرها.

وقال أيضا: كل ما فوق الأرض فهو سماء، في طريق اللغة يقولون: ما علاك فهو سماؤك، وما دونك فلك القمر، فهو بالنسبة إلى الأفلاك أرض قال تعالى: ﴿خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ﴾ [الطلاق: ١٢]، يعني: سبعا؛ فالأولى: كرة النار، والثانية: كرة الهواء، والثالثة: كرة الماء، والرابعة: كرة الأرض، وثلاثة طبقات ممتزجات بين الأربعة الأولى من النار والهواء، والثانية من الهواء والماء، والثالثة من الماء والأرض.

ثم دبر بعناية بعد الجماد أمر المعادن الداخلة في الجماد ثم النبات ثم الحيوان.

هذا هو القول الكلي في المخلوقات وسيأتي القول في جزئياتها في مقالتين إن شاء الله تعالى، والله الموفق للصواب.


(١) سورة الأنبياء الآية ٣٠، قوله ﴿كانَتا رَتْقاً﴾ أي: كانتا ملتصقتين.

<<  <   >  >>