وأنواع اليواقيت والسنبادج ومعادن الذهب والفضة والحديد والنحاس وأنواع الطيب والأفاويه، وفيه الدردور أيضا الذي لا ينجو منه من المراكب إذا وقع فيه إلا ما شاء الله، وفيه عوير وكثير وهما موضعان قلما يسلم منهما مركب، وفيه حيوانات عجيبة الأشكال والصور، وسيأتي ذكر بعضها إن شاء الله تعالى.
(ومنها) جزيرة ليكالوس، أهلها عراة وطعامها الموز والسمك الطري والنارجيل وأموالهم الحديد، يتعاملون عليه، وتأتي التجار ويعاملونهم في الحر، ويتحلون بالحديد (١) كما يتحلى الناس بالذهب، ومنها جزيرة التنين وهي جزيرة واسعة عامرة وفيها جبال وأشجار وعلى حصونها سور عال يظهر به تنين عظيم، فاستغاث أهلها بالإسكندر، وذكروا أن التنين أتلف مواشيهم وأنهم يأخذون له كل يوم ثورين ينصبونهما قريبا من موضعه فيقبل كالسحابة السوداء وعيناه تتقدان كالبرق الخاطف والنار تخرج من فيه فيبلع الثورين ويعود إلى موضعه، فلما سمع الإسكندر ذلك أمر بإحضار الثورين فسلخهما وحشا جلودهما زفتا وكبريتا وكلسا وزرنيخا وجعل مع ذلك كلاليب من حديد وجعلهما في ذلك المكان، فخرج التنين وابتلعهما فاضطربت أحشاؤه في جوفه وتعلقت الكلاليب بأحشائه، فانتظره الناس في اليوم الآخر فما وجدوا له أثرا فذهبوا إليه فإذا هو ميت فاتح فاه، ففرح الناس بموته وشكروا سعي الإسكندر وحملوا إليه هدايا عجيبة، ومن جملتها دابة عجيبة يقال لها المهراج مثل الأرنب، أصفر اللون وعلى رأسها قرن واحد أسود، لم يرها شيء من السباع إلا هرب، والله أعلم.
[فصل: في حيوانات هذا البحر]
قال صاحب (عجائب الأخبار): في هذا البحر طائر يقال له فنون، وهو مكرم لأبويه، وذلك أن هذا الطائر إذا كبر وعجز عن القيام بأمر نفسه اجتمع عليه فرخان من فراخه يحملانه على ظهرهما إلى مكان ويبنيان له عشّا وطيئا ويتعاهدانه بالماء والعلف، ذكروا أن الله تعالى أكرم هذا الطائر بأن سخر له البحر، فإنه إذا باض سكن البحر أربع عشرة ليلة، حتى يتخرج فراخه في هذه المدة اليسيرة، والبحريون يتبركون به، فإذا كان أول سكون البحر علموا أن هذا الطائر قد باض.