وحمام البر إذا مرض يأكل الجراد يزول مرضه، والمتروك الذي يقال له: اليمامة يأكل أطراف القصبة يزول مرضه.
ومن ذكاء الحمام أن جواز لها إذا رأت النسر لا تخاف، وإذا رأت العقاب خافت، وكذلك تفرق الغراب والصقر، وإذا رأت الشاهين رأت السم الناقع؛ كما أن الشاة لا تفزع من الفيل والجاموس وتفزع من الذئب.
قال الجاحظ: الحمام أسرع طيرانا من سباع الطير إلاّ أنه إذا رأى الجوارح يعتريه ما يعتري الشاة عند رؤية الذئب، والفأرة إذا رأت السنور.
[فصل: في خواص أجزائه]
(عينه) آكلها يصيبه الغشي (مرارة الحمامة البيضاء) تزيل الغشاوة والظلمة من العين اكتحالا (دمه) يطلى به الكلف يقلعه (دم الجوازل) يطلى به الجراحة يبرئها سريعا، ويطلى به الموضع الذي أصابه صدمة أو ضربة تصلحه، ويزيل الزرقة من آصار الخربة والصدمة وينفع من الغشاء اكتحالا (لحمه) من داوم على أكله يدفع عنه البلادة ويورث الذكاء (عظمه) يحرق ويزر على الجراحة تلتئم شقها ويصلح بإذن الله تعالى (زرقه) تحمله المرأة التي أضربها الطلق يسهل ولادتها ويقلع الحشر كشات والنار الفارسية إذا طلي به، وزرق الحمام الأحمر يفتح أثر البول ويفتت الحصاة والدمل، ويطرح زرق الحمام في أدوية الحقنة يفتح القولنج، رجل الحمام والاصطرك وحب النيل أجزاء سواء يسحق وتخلط بدهن الجوز ويطلى به البرص يغير لونه.
(خطاف) طائر لا يزال ينتقل من الضروب إلى الحروم يتبع الربيع، وإذا عرف استقبال الصيف يأخذ فراخه، ويمشي بها إلى الوكر الذي تركه في البلد الآخر ولا يبقى منها واحد إلاّ رجع إلى وكره القديم، ويتخذ الوكر من الطين المخلوط بالشعر ليبقى بعضه على بعضه ويقوى كطين الحكمة.
ومن العجائب أن يعمل بعضه ويتركه حتى يجف ثم يعمل البعض الآخر فلو عملت البيت كله دفعه واحدة لتثاقلت وسقطت، وإذا أرادت اتخاذ الوكر عاونته الخطاطيف فإذا فرغت تأتي بالماء في أفواهها وتسوي به باطن الوكر وتملسه، وتزيل خشونته، وتضع السذاب في أوكارها لدفع الحيات والبعوض والذباب، ومن المشهور أن عشّ الخطاف يحل في الماء ويسقي صاحبة الطلق تضع بسهولة.