(بحر القلزم)(١) هو شعبة من بحر الهند جنوبي بلاد البربر والحبشة، وعلى ساحله الشرقي بلاد العرب وعلى الغربي اليمن، والقلزم اسم مدينة على ساحله سمي البحر بها.
وأما حديث هيجانه ومده وجزره فكما في بحر الهند فلا نعيده، وهو البحر الذي أغرق الله تعالى فيه فرعون - لعنه الله - وجنوده.
قالوا: كان بين البحر وأرض اليمن جبل يحول الماء عنها، وامتداده في أرض اليمن، وكان بين البحر واليمن مسافة، فقدّ بعض الملوك ذلك الجبل بالمعاول ليدخل منه خليجا يهلك بعض أعدائه، فقطع من الجبل غلوتي سهم، وأطلق البحر في أراضي اليمن فطفا الماء وأهلك أمما كثيرة واستولى على بلاد كثيرة، وصار بحرا عظيما، وصل إلى بلاد اليمن وجدة وجاوى وينبع ومدين شعيب ﵇ وأيلة إلى القلزم.
[فصل: في جزائره]
وأكثرها لا مسكونة ولا مسلوكة؟
(منها) جزيرة ثارات، وهي قريبة من أيلة، يسكنها قوم يقال لهم بنو جدان، معاشهم السمك وليس لهم زرع ولا ضرع ولا ماء عذب، وبيوتهم السفن المكسرة، يسألون الماء والخبز ممن يمر بهم في الدهر الطويل، وعندهم دوارة ماء في سفح جبل، إذا وقع الريح على دورته انقسمت إلى قسمين، وتلقى المركب بين شعبتين متقابلتين، فتخرج الريح من كليهما، فيثور البحر على كل سفينة تقع في تلك الدورات باختلاف الريحين، فتنقلب ولا تسلم، ومقدار طوله ستة أميال قبل هذا الموضع الذي غرق فيه فرعون بجنوده لعنه الله.
(ومنها) الحسامية، وفيها دابة تتجسس الأخبار، وتأتي بها الدجال، روى الشعبي عن فاطمة بنت قيس قالت: خرج علينا رسول الله ﷺ في الظهيرة وقام خطيبا وقال:
«إني لم أجمعكم لرغبة ولا لرهبة، ولكن لحديث حدثنيه تميم الداري، حدثني أن نفرا من قومه أقبلوا في البحر فأصابهم ريح عاصف ألجأهم إلى جزيرة، فإذا هم بدابة قالوا لها: من أنت؟ قالت:
أنا الجساسة، قالوا: أخبرينا الخبر، قالت: إن أردتم الخبر فعليكم بهذا الدير، فإن فيه رجلا بالأشواق إليكم، قال: فأتيناه، فقال: من أنتم؟ فأخبرناه، فقال: ما فعلت بحيرة طبرية؟ قلنا:
(١) بحر القلزم: هو البحر الأحمر الحالي، حيث يوجد على ساحله الشرقي السعودية واليمن، وعلى ساحله الغربي مصر والسودان وأثيوبيا وجيبوتي والصومال.