للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذكر الجاحظ أن الدراج من الطيور التي لا تسكن في البيوت، إنّما تسكن في البساتين وذكر بعض البازدارية أنه: أرسل بازا على دراج فألقى الدراج نفسه على شوك كان هناك، وأخذ من الشوك أصلين في رجليه واستلقى على قفاه، وتستر بذلك عن الباز فعجز الباز عنه، قال ابن سينا: يزيد في مادة المني.

(ديك) أكثر الطيور شهوة وعجبا بنفسه، يبشر بطلوع الفجر، ومن العجائب معرفته ساعات الليل فإن الليل إذا كان خمس عشرة ساعة، يقسط أصواته عليها كما كان يقسطها والليل تسع ساعات، وذلك بإلهام من الله تعالى.

وزعموا أن من أيقظه الديك فقام لا يبقى معه شيء من ثقل النوم، والأسد يهرب من الديك الأبيض، والمهاريس خيرها وعلامة ذلك حمرة العرف وغلظ الرقبة وضيق العين وسوادها وحدة المخالب ورفع الصوت، والديك يحب الدجاج محبة شديدة يؤثر الدجاج على نفسه وربما يأخذ الحب بمنقاره ويرميه إلى الدجاجة ويهارش (١) عليها.

وهذا كله في زمن شبابه وكثرة نشاطه، وأما إذا هرم فتكون همته مقتصرة على نفسه، وإذا جاء للدجاج عدو دفعه الديك عن الدجاج، وبالليل يجتمع الدجاج في موضع حريز ويقف الديك على بابه يحرسها، والديك يبيض بيضة في عمره صغيرة تسمى بيضة العقد (٢)، وزعموا أن من ذبح الديك الأبيض الأفرق ينكب في ماله وأهله، وأن الشيطان لا يدخل بيتا فيه ديك أبيض أفرق.

[فصل: في خواص أجزائه]

(عرفه) يجفف ويسحق من يبول في فراشه، يزول عنه ذلك، وعرف الديك الأبيض أو الأحمر يبخر به المجنون ينفعه نفعا بيّنا (مرارته) تنفع من الغشاوة وظلمة البصر اكتحالا.

قال بليناس: مرارة الديك الأبيض تخلط بمرق صاف، وتؤكل على الريق يذهب النسيان ويذكر ما كان نسيه، وقال بعضهم: مرارة الديك تجعل في إناء من فضة ويداوم على الاكتحال بها؛ فإنه يزيل بياض العين، (عظم جناحه) يشد على صاحب الحمى الورد تذهب عنه، ويشده الفارس على وسطه لا يتعب من السوق، (دمه) ينفع من بياض العين اكتحالا ويخلط دمه


(١) يهارش: أي يحارب غيره من الديوك.
(٢) لا شكّ أن فكرة بيضة الديك من الأساطير وليس لها حقيقة في الواقع.

<<  <   >  >>