للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[فصل: في خواص أجزائه]

زعموا أن عينه تشد على صاحب الرمد يسكن وجعه في الحال، اليمنى على اليمنى واليسرى على اليسرى، وسنه الأيمن تعلق على الإنسان يزيد في الباه، وأول سن من جانب فكه الأيسر يشد على صاحب القشعريرة تذهب في الحال، ومرارته يكتحل بها تزيل بياض العين، وشحمه يجعل ضمادا على عضته، فإنه نافع في الحال، وكبده يدهن به المصروع يزول ما به، وزبله يزيل بياض العين اكتحالا، وجلده يشد على جبهة الكبش يغلب الكباش في النطاح.

(تنين) حيوان عظيم الخلقة، هائل المنظر، طويل الجثة عريضها، كبير الرأس، براق العينين، واسع الفم والجوف، كثير الأسنان، يبلع من الحيوان كثيرا، يخافه حيوان البر والبحر، إذا تحرك يموج البحر لكثرة قوته، والتنين أول أمره يكون حية متمردة تأكل من دواب البر ما ترى، فإذا عظم فسادها يبعث الله تعالى ملكا يحتملها ويقلبها في البحر، فتفعل بدواب البحر ما كانت تفعله بدواب البر، ويعظم جسمها؛ فيبعث الله تعالى ملكا فيحملها ويلقيها إلى يأجوج ومأجوج (١).

وروي عن بعضهم أنه رأى تنينا سقط فوجد طوله نحو الفرسخين، ولونه مثل لون التمر مفلسا كفلوس السمك، وله جناحان عظيمان على هيئة جناح السمك، ورأس مثل التل العظيم


(١) يأجوج ومأجوج أمتان، كل أمة أربعمائة ألف أمة، كل أمة لا يعلم عددها إلا الله، لا يموت الرجل منهم حتى يولد له ألف ذكر من صلبه، كلهم قد حمل السلاح، قال عنهم رسول الله : «هم ثلاثة أصناف: صنف منهم أمثال شجر الأرز - شجر بالشام، الشجرة عشرون ومائة ذراع - وصنف عرضه وطوله سواء نحو من الذراع، وصنف يفترش أذنه ويلتحف بالأخرى، لا يمرون بفيل ولا وحشي ولا خنزير إلا أكلوه، ويأكلون من مات منهم، مقدمتهم بالشام وساقتهم بخراسان، يشربون أنهار الشرق وبحيرة طبيرة، فيمنعهم الله من مكة والمدينة وبيت المقدس، قال تعالى: ﴿قالُوا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا﴾».
وقد جاء مرفوعا من حديث أبي هريرة، خرجه ابن ماجه في السنن، قال: قال رسول الله : «إن يأجوج ومأجوج يحفران كل يوم حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال الذي عليهم: ارجعوا فستحفرونه غدا، فيعيده الله أشد ما كان، حتى إذا بلغت مدتهم، وأراد الله تعالى أن يبعثهم على الناس حفروا حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال: ارجعوا فستحفرونه غدا إن شاء الله تعالى، فاستثنوا فيعودون إليه وهو كهيئته حين تركوه فيحفرونه ويخرجون عليالناس؛ فينشفون الماء ويتحصن الناس منهم في حصونهم، فيرمون بسهامهم إلى السماء فيرجع عليها الدم - الذي أحفظ - فيقولون: قهرنا أهل الأرض وعلونا أهل السماء؛ فيبعث الله تعالى عليهم نغفا في أقفائهم فيقتلهم بها». انظر: أحكام القرآن للقرطبي (١١/ ٣٢).

<<  <   >  >>