(١) وهو قوة مرتبة في عصب داخل الصماخ يدرك الصوت الذي يؤدي إليه الهواء بالتموج، وحاله شبيهة بتموج الماء، فإن الهواء أشد لطافة من الماء، فإذا وقع شيء في الماء يحدث من وقوعه دوائر وكلما اتسع ذلك الشكل ضعفت حركته وتموجه إلى أن يضمحل، فكذلك يحصل من وقوع الصوت في الهواء تموج، فأي سامع حصل في ذلك التموج دخل أذنه فتحس به القوة السامعة.
[(الخامسة: الذوق)]
وهو قوة منبثة في جرم اللسان، يدرك بها ما يماسه من الطعوم بواسطة الرطوبة العذبة التي تحت اللسان، فإن تلك الرطوبة تخالف الجسم الذي فيه كيفية الطعام فيتكيف بتلك الكيفية فيحصل الإحساس بالطعم.
[فصل: في فوائد هذه القوى]
أما اللمس فقد بينا أن كل حيوان له هذه الحاسة حتى الدودة تدرك بها الحار والبارد والرطب واليابس والصلب واللين والخشن والأملس والثقيل والخفيف إلا أن الحيوان لو لم تخلق له إلا هذه القوة لكان ناقصا إذا كان لا يحس بالغذاء إذا كان بعيدا عنه، فافتقر إلى قوة أخرى يدرك بها ما يبعد عنه، فاقتضت حكمة الباري خلق البصر ليدرك به ما يبعد عنه، ويدرك جهته إلا أنه لو اقتصر على هذا لكان أيضا ناقصا؛ لأنه لا يدرك إلا الشيء المحاذي، وأما ما بينه وبينه حجاب فلا يمكنه إدراكه إلا بكلام منظوم، فاقتضت حكمة الباري تعالى السمع ليدرك به الغرض ممن يكون وراء الجدار، ولو اقتصر على هذا لكان ناقصا لأنه إذا وصل إليه الغذاء فلا يدري أنه موافق أو مخالف فربما يكون شيئا مضرا فيهلكه، فاقتضت حكمة الباري ﷿ خلق الذوق ليدرك به الموافق والمخالف.
[(النوع الثاني: القوى الباطنة)]
وهي أصناف:
[(الأولى: القوى الجاذبة)]
وهي التي تجذب النافع من الغذاء، وهي موجودة في سائر الأعضاء؛ لأن كل عضو يجذب ما يوافقه وغذاء كل عضو يخالف غذاء الآخر.
[(الثانية: الماسكة)]
وهي التي تمسك الغذاء ريثما تتصرف فيها القوة المغبرة وذلك بأن تجعل العضو محتويا على الغذاء بحيث لا تترك فرجة.