للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(غراب) طائر الأسفار بعيد التطواف أول ما يطير يسرع في الطيران بعد انبلاج (١) الفجر يحب الجوز يجمع منه كثيرا فيدفن للذخيرة، ويجتمع على كل الحيوانات الكبار بالبادية كالجمل والفرس، وكذا الآدمي ويقصد قلع عينها، ولا يمتنع بالدفع والضرب؛ لشدة جوعه وينقر ظهر السلحفاة فيأكلها والبعير إذا عقر وحدث في ظهره لحم ميت؛ فلا بد من أخذ اللحم الميت من ظهره فيرسلونه إلى الصحراء ليجتمع عليه الغربان وتقلع اللحم الميت من ظهره.

وإذا تفرخ بيضها يكون الفرخ أبيض بلا ريش فتفزع الأم منه وتتركه فيبعث الله تعالى إليه ذبابا كثيرا فيأكل الفرخ منها حتى ينبت ريشه ويسود.

قال مكحول: من دعاء داود النبي : يا رازق الغراب في عشه.

والفرخ إذا اسود عادت إليه أمه وحينئذ تغيب عنه الذباب والبق.

قال خلف الأحمر: رأيت فرخ الغراب فلم أر صورة أقبح منه، ولا أقذر ولا أنتن، رأيت رأسا كبيرا ومنقارا طويلا، وذلك مع صغر البدن وقصر الجناح وهو أمرط منتن الريح، والغراب إذا مرض يأكل رجيع الإنسان يهدأ، ومن الغربان من يأتي بألفاظ فصيحة أفصح من الببغاء.

[فصل: في خواص أجزائه]

قال بليناس: الغراب يجفف ويسحق ويسقى الإنسان لا يعطش ولو في تموز (مرارته) تسقى لإنسان في النبيذ يسكر بالقدح الواحد (طحاله) إذا علق على إنسان هاج به العشق رأس الأيقع ينضج ويأكله من به صداع عتيق يزول عنه (دمه) يخلط بشيء من النورة ويطرح في النبيذ ويشربها إنسان يبغضها ولا يرجع إليها (زرقه) يلف في شيء من العهن ويدفع إلى صاحب السعال ينقطع سعاله.

(غرنيق) طائر من طيور الماء قال صاحب المنطق (٢): إن الغرنيق من الطيور القواطع، وإنها إذا أحست بتغير الزمان عزت على الرجوع إلى بلادها، فعند ذلك تتخذ قائدا أو حارسا، ثم تنهض معا فإذا طارت ترتفع في الهواء جدّا؛ كي لا يعرض لها شيء من سباع الطير، وإذا رأت غيما أو غشيها الليل أو سقطت للطعم أمسكت عن الصياح؛ كي لا يحس بها العدو، وإذا أرادت


(١) انبلاج: أي إسفار وبزوغ.
(٢) أي: أرسطو.

<<  <   >  >>