ومن أعجب أمرها أن الذكر إذا صاح وحمل الهواء صوته إلى الأنثى يتولد البيض منه، كما أن النخلة إذا حملت الريح إليها رائحة الذكر تحمل من رائحة كافور الفحال، إذا كانت تحت الريح وتبيض خمس عشرة بيضة، وتجعلها في موضعين أحدهما للذكر والآخر للأنثى وكلاهما يحضنان.
وإذا قصده الصياد يريه كأنه ضعيف عن الطيران فالصياد يعدو خلفه ويشتغل به عن فراخه فإذا طارت الفراخ يطير القبج أيضا، ويرجع الصياد خائبا منه والقبج من الطيور التي لا تسافد إلاّ في الجبال ويترك في عشه رءوس القصب؛ لدفع الأعداء ويحب الغناء والأصوات الطيبة وربما وقعت حتما عند سماعها ذلك شوقا فيأخذها الصياد.
[فصل: في خواص أجزائه]
(مرارته) يسعط بها في كل هلال يجود ذهنه، ويحد بصره، وإذا اكتحل به تنفع من ابتداء نزول الماء (كبده) يشوى ويطعم للصبي يأمن من الصرع (دمه) يكتحل به يأمن من جراحات العين والغشي (لحمه) ينفع من الاستسقاء ويزيد في الباه.
(قنبرة) طائر معروف يقال له بالفارسية: جلودا، ويحب الأصوات المطربة والنغمات اللذيذة على رأسه قنزعة شبيهة بما للطاوس، وهو شديد الاحتياط إذا وقع على شيء لا يزال ينظر يمينا وشمالا ووراء، ومع ذلك هي كثيرة الوقوع في الفخ.
تتخذ عشا عجيبا يعمد على ثلاثة أعواد على شجرة على شكل سفانجة معكوسة، ويأتي بنوع من الحشيش في غاية اللطافة وينسج من تلك الأعواد سليلة لطيفة عجيبة التأليف لا يقدر البشر أن يأتي بمثلها، ثم تضع بيضها فيها والسليلة تكون مستترة بأوراق الشجرة حتى لا يراها الجوارح (لحمها) يؤكل مشويّا ينفع من القولنج نفعا بينا.
(قطا) طائر معروف يتيمن بصوته يقال: فلان أصدق من القطا، تبيض في البراري وتغيب عنها أياما وتعود إليها، يقال: فلان أهدى من القطا، ولا ينام الليل ويأتي الجادة ليكون عنده من المارين خبر، ولها أفحوصة عجيبة في وسط الحشيش، مثّل بها النبي ﷺ في وهنها حيث قال:«من بنى لله مسجدا ولو مثل مفحص قطاة بنى الله له بيتا في الجنة»(١).