ضرب غلاب بهلول، فقال علقمة: يا شق أقبل ما لي وما لك عهد علي بفضلك تقتل من لا يقتلك فقال شق: هيت لك نفسي فاصبر لما قد حم لك فضرب كل واحد منهما صاحبه فقتله فوقعا ميتين وهو مشهور أن علقمة بن صفوان قتله الجن، والله تعالى أعلم.
(ومنها) المذهب ذهب بعض العباد أن لهم شيطانا يقال له المذهب يخدمهم ويريد أن يريهم العجب، وأن بعض العباد نزل به ضيف وأقام عنده أياما لم ير في صومعة العابد أحدا وكان يرى كل ليلة عند الإفطار منارة ومسرجة وخوانا عليه طعام فتعجب الضيف من ذلك وسأل العابد عنه، فأعرض عن جوابه فألح عليه فقال اعلم أن هذا منذ مدة يأتيني به شيطان يريد أن أحمله على كراماتي، وأنا أعلم أنه من الشيطان من أول يوم فعند ذلك انطفأ السراج وزال الطعام، والله الموفق للصواب.
[فصل: في حكايات عجيبة عن الجن وما جرى لهم]
روي عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنه عن النبي ﷺ:«أن إبليس لعنه الله يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه، فأعظمهم فتنة أدناهم منه مجلسا، فيجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول: ما صنعت شيئا، ثم يجيء أحدهم فيقول: فرقت بينه وبين أهله فيقول: نعم أنت ابني فيدنيه منه»(١).
(ومنها) ما حكي أن الله تعالى لما سخر الجن لسليمان ﵇ نادى جبريل ﵊: أيتها الجن والشياطين أجيبوا بإذن الله تعالى لنبيه سليمان بن داود فخرجت الجن والشياطين من المفازات ومن الجبال والآكام والأودية والفلوات والآجام وهي تقول: لبيك لبيك تسوقها الملائكة سوق الراعي غنمه حتى حشرت لسليمان طائعة ذليلة، وهي يومئذ أربعمائة وعشرون فرقة فوقفوا بين يدي سليمان فجعل ينظر إلي خلقها وعجائب صورها وهم بيض وسود وصفر وشقر وبلق على صورة الخيل والبغال والسباع ولها خراطيم وأذناب وحوافر وقرون فسجد سليمان لله تعالى وقال، اللهم ألبسني من القوة والهيبة ما أستطيع النظر إليهم فأتاه جبريل ﵇ وقال: إن الله تعالى قواك عليهم قم من مكانك فقام والخاتم في أصبعه فخرت الجن والشياطين ساجدة، ثم رفعت رؤوسها وقالت: يا بن داود إنا قد حشرنا إليك وأمرنا لك بالطاعة، فجعل سليمان ﵇ يسألهم عن أديانهم وقبائلهم ومساكنهم