(ومنها) جزيرة جاشك، وهي بقرب جزيرة قيس، لأهلها خبرة وصبر على الحركة في الماء، فإن الرجل منهم يسبح في الماء أياما كثيرة وهو يجالد بالسيف كما يجالد غيره على وجه الأرض، وغير أهل هذه الجزيرة يعجز عن ذلك، وسمع من غير واحد أن بعض ملوك الهند أهدى إلى بعضهم جواري هنديات في مراكب فوقع شيء من تلك المراكب إلى هذه الجزيرة، فخرج الجواري يتفسحن في الجزيرة فاختطفتهن وافترستهن، فولدت هؤلاء الذين بها فلذلك فيهم من الجلادة ما يعجز عنها غيرهم.
(ومنها) جزيرة كندولاودي، وأنا شاك في أن هذه الجزيرة في بحر فارس، أظن أنها في غيره، وقد ذكر جميع من العمانيين والسرافيين أن العنبر ينبت في قعر هذا البر كما ينبت القطن في الأرض، فإذا اشتد اضطراب البحر قذفه البحر، فلذلك يرى قطعا، وربما أكل منه السمك الكبير فيموت ويطفو على الماء، فإذا اجتاز به أصحاب المراكب جذبوه بالكلاليب (١) والحبال إلى الساحل، وأخذوا العنبر من بطنه، والله أعلم.
[فصل: في ذكر بعض الحيوانات العجيبة في هذا البحر]
(منها) نوع من السمك يطفو على وجه الماء، وسبب طفوه هيجان البحر، ويعرفه البحريون. قال أبو الريحان في الآثار الباقية: في اليوم الثالث عشر من كانون الثاني يضطرب البحر إلى فارس وإلى الإسكندرية، ويبقى أياما يتغطمط وتشتد أمواجه ويتكدر هواؤه وتكثر ظلمته، ذكروا أنه يقع في قعره ريح تهيج البحر، ويستدل على ذلك بنوع من السمك يظهر فيه، وظهوره إنذار بتحرك الريح في قعره، وربما يتقدم بيوم.
(ومنها) الأسيور، وهو نوع من السمك يأتي بالبصرة في وقت معين، يعرفه أهل البصرة، ويبقى مقدار شهرين، وبعده لا توجد هناك واحدة من هذا النوع.
(ومنها) الجراف، وهو أيضا نوع من السمك، ووصفه مثل وصف الأسيور.
(ومنها) البرستوح، قال البحريون: إن البرستوح يقبل من بلاد الزنج، يستعذب ماء دجلة البصرة، ويعرف هذا النوع بأرض الزنج، ثم يعود ما فضل من صدي الناس إلى مكانه، ولا يوجد هذا النوع فيما بين البصرة والزنج إلا في أوان مجيئه، فإذا انقضى أوانها لا يوجد فيه واحد، وذكر البحريون أن البرستوح في الوقت الذي يوجد في البصرة لا يوجد بالزنج، وفي الوقت