للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأشجار وربما تشعب قرناه بشعب الأغصان ولا يقدر على استخلاصها فيصيح والناس إذا سمعوا صياحه ذهبوا إليه فيصيدونه.

(لحمه) يطبخ بالنبيذ، ويأكل منه الصبي تزول عنه البلادة.

(جلده) يتخذ منه مطرحا يجلس عليه صاحب البواسير يزول عنه.

(كعبه) يشد على البريد على الساق يأمن من تعب السير.

[النوع الرابع: من الحيوان الطير]

هذا النوع من الحيوان مختص بخفة البدن وفقد أعضاء كثيرة توجد في غيره.

والحكمة في ذلك أن الله تعالى لما خلق الحيوان وجعل بعضها عدوا لبعض أعطى كل واحد إما قوة أو سلاحا يدفع بها عدوه كما للدواب وللسباع، أو آلة يهرب بها كما للوحوش والطيور، أما الوحوش فآلاتها قوائمها، وأما الطيور فأجنحتها، ثم إن هذه الآلة اقتضت خفة الجثة إذ لو كانت الجثة كبيرة اقتضت كبر الجناح، والجناح الكبير لا يحصل معه سرعة الطيران بل يكون طيرانه بطيئا لا يزيد على سرعة المشي فلا يحصل الغرض المطلوب.

ومن العجب طيران الطير في الهواء وعدم سقوطه والهواء أخف منه وهو أثقل منه كما قال الله تعالى: ﴿أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّراتٍ فِي جَوِّ السَّماءِ ما يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ اللهُ﴾ [النحل: ٧٩].

فلما اقتضت هذه الآلة خفة الجناح والجثة نقص منها أعضاء كثيرة توجد في غيرها من الحيوانات التي تلد وترضع، ويخف عليها النهوض ويسهل الطيران كالأسنان والآذان والكرش والمثانة وخرزات الظهر والجلد الثخين.

وإذا تأملت خلقة الطير وجدت نسبة قدامه إلى أسفله كنسبة يمينه إلى شماله، فإن كان طويل الرقبة تطول أيضا رجلاه وإذا قصرت رقبته قصرت رجلاه، ولو نتف ذنب الطير لمال إلى قدام كالسفينة التي خفّ مؤخرها.

قال الجاحظ: كل طائر جيد الجناح يكون ضعيف الرجلين كالزرازير والعصافير وإذا قطعت رجلاه لا يقدر على الطيران كما إذا قطعت يد الإنسان، فإنه لا يقدر على العدو، وكل طائر يعب الماء يزق فرخه، ومن الطيور ما أعطي العجب في لونه كالطاوس والببغاء والنعام وأبي براقش.

<<  <   >  >>