ليكون أحفظ من المصادمات بدفع الصلب، وصلبه إلى جهة مراقها؛ لأن صلبه أبعد عن قبول الآفة لأن هذا الوضع موافق جدا لسهولة الولادة لأن رأسه إذا كان قريبا وانحل الرباط من الرحم جاء على رأسه؛ لأن الرأس ثقيل يهوي إلى أسفل بسرعة، وأيضا فإن أقرب الأشكال إلى المستديرة المنحنى، والمستديرة أبعد عن قبول الآفات، ولأن القلب الذي هو ينبوع الحياة يكون محفوظا وأن شكله على هذه الهيئة ضروري الوقوع؛ لأن الجنين في موضع ضيق فجمع بالحكمة الإلهية سائر أعضائه وجعله كالكرة ليسعى في ذلك الموضع الضيق، كما أنا نحن إذا كنا في موضع ضيق جمعنا أعضاءنا فيكون شكلنا قريبا من شكل الجنين في الرحم.
[فصل: في سبب الذكورة والأنوثة]
زعم بعضهم أن السبب لذلك زيادة حرارة خلقها الله تعالى للمادة التي يخلق منها الذكر، ونقصانها في المادة التي يخلق منها الأنثى، وكذلك تبرز أعضاء التناسل من هذا وتختفي من هذه، ثم إذا كانت. الحرارة الغريزية في أصل الخلقة كاملة خرج الذكر تام الأعضاء قوي التذكير، وإن نقصت نقصت قوة تذكيره فتشبه أفعاله أفعال النساء، وهكذا قوة التأنيث فإن من الإناث من تشبه أفعالها أفعال الرجال، وإذا تصورت هذه المراتب فربما يقع فيها مرتبة غريبة بعيدة الاتفاق، فيكون المولود لا ذكر ولا أنثى بل خنثى. ومنهم من زعم أن الأغلب على خلقة الذكور وقوعها في الجانب الأيمن من الرحم، ومن خلقة الأنثى وقوعها في الجانب الأيسر، وربما يعين على الإناث الفصل الحار والبلد الحار والريح الجنوب وسن الكهولة، كما أن أضداده تعين على الذكور وهو الفصل البارد والبلد البارد والريح الشمالي وسن الشباب. وزعم قوم أن نطفة الذكر إن جرت من يمينه إلى يمينها كان الولد ذكر تام الذكورة، وإن جرت من يساره إلى يسارها كان الولد أنثى تام الأنوثة، وإن جرت من يمينه إلى يسارها كان ذكرا مؤنثا كما ترى في الرجال من تشبه أفعاله أفعال النساء، وإن جرت من يساره إلى يمينها كانت أنثى مذكرة كما ترى في النساء من تشبه أفعالها أفعال الرجال، والله تعالى أعلم.
[فصل: في وضع الحمل]
اعلم أن القوة الإلهية إذا كملت في المولود أبرزته القوة الموجودة في الرحم إذ لو بقي في الرحم بعد كماله لاحتاج إلى غذاء كثير لكبره ولا يسهل خروجه لكبره، والوعاء لا يحمله فيفضي إلى هلاكه وهلاك أمه، فإذا كمل المولود كفت القوة الماسكة عن الإمساك، وتحركت الدافعة للدفع، وهو أيضا يتحرك بيده ورجليه فينشق الغشاء المطيف به، وانحل رباط الجنين فيقع كالشيء