للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي خلق فسوى، والذي قدر فهدى، الأزلي الذي لا أول لوجوده، ولا ينتقل من حالة إلى أخرى، الأبدي الذي لا آخر لدوامه، وإليه المرجع والمنتهى، خلق الأرض والسموات العلى، وأبدع الأركان والأمزجة والأعضاء والقوى، وأنشأ الجماد والحيوان وأزواجا من نبات شتى: ﴿لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَما تَحْتَ الثَّرى﴾ [طه: ٦]، والصلاة والسلام على سيد المرسلين وإمام المتقين، محمد خير الورى، وعلى آله مصابيح الدجى، ومفاتيح الهدى.

(أما بعد) فقد أردنا أن نذكر بعض عجائب ما دون فلك القمر من كرة الأثير وعجيب آثارها وكرة الهواء وصحوها وأمطارها، وفوائد معادنها وخواص، نباتها وأشجارها وخواص حيوانها وآثارها مستعينا بالله ومتوكلا على الله، وبالله التوفيق.

[المقالة الثانية: في السفليات]

وهو ما دون فلك القمر من العناصر والمولدات والنظر فيها في أمور حقيقة العناصر وطباعها وترتيبها وانقلاب بعضها إلى بعض، ذهبوا إلى أن العنصر هو الأصل، وإنما سميت هذه الأجسام عناصر؛ لأنها أصل المولدات أعني: المعادن والنبات والحيوان، وتسمى أيضا أركانا وهي أربعة: النار والهواء والماء والتراب، فالنار حارة يابسة مكانها الطبيعي تحت الفلك وفوق الهواء، والهواء حار بط ومكانه الطبيعي تحت النار وفوق الماء، والماء بارد رطب ومكانه الطبيعي تحت الهواء وفوق الأرض، والأرض باردة يابسة ومكانها الطبيعي الوسط.

ثم إن كل واحد من هذه الأركان متكيف بكيفيتين يشاكل الذي يقربه بكيفية ويضاده بأخرى فلأجل مشاكلتها تقاربت مراكزها، ولأجل تضادها تباينت، واختص كل بمركز لا يقف إلا فيه إذا منعه مانع، فإذا ارتفع المانع كان النزوع إلى مركز العالم فهو ثقيل، وإن كان إلى المحيط فهو خفيف، والله أعلم.

<<  <   >  >>