للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[النوع الثالث: الصدر]

ولما كان الصدر وقاية للقلب خلق صلبا من إحدى عشرة فقرة ذات سناسن وأجنحة عراض، لكونها وقاية للقلب واتصلت بالأضلاع لتحوي أعضاء التنفس، وإنما لم يخلق عظما واحدا ما عرف من الفائدة في سائر المواضع، وخلقت هشة لتكون أساس في مساعدة ما يطيف بها من أعضاء التنفس في الانبساط والانقباض.

[النوع الرابع: اليد]

ولما كانت الحكمة الإلهية اقتضت أن النفس الإنسانية تدرك بالحواس ما ينفعها وما يؤذيها من قوام البدن، خلقت لها آلة لتتناول بها ما ينفعها وتبعد عنها ما يضرها وهي اليد، خلقت من ثلاثة أجزاء من العضد والساعد والكف، أما العضد فقد خلق من عظم واحد قوي تتصل بالكف بمفصل واحد حتى يمكنه التحرك إلى جميع الجهات، وذلك بأن خلق رأس العظم مستديرا وركب على أساس الكتف في حق ليكون خلفها سلسلة إلى جميع الجهات، ولما كانت اليد آلة لأعمال كثيرة مختلفة جعل الكتفان موضوعين على جانبي البدن غير ملاقين للأوضاع لينبسط اليدان في اليمين والشمال على استقامة ويلتقيان من قدام وخلف فيمكنهما الوصول إلى جميع الجهات بسهولة، وأما الساعد فخلق مؤلفا من عظمين متناسقين طويلين يسميان الزندين، والفوقاني الذي يلي الإبهام منهما أدق ويسمى الزند الأعلى، والسفلاني الذي يلي الخنصر منهما أغلظ؛ لأنه حامل ومنفعة الزند الأعلى أن يكون به حركة الساعد إلى الإلتواء والانقباض، ومنفعة الزند الأسفل أن يكون به حركة الساعد إلى الانقباض والانبساط، أما الكف فخلقت مركبة من أربعة عظام متباعدة؛ لتكون الأصابع الأربع مركبة عليها، وخلق عظم الرسغ صلبا قويا؛ لأن تركيب المشط والأصابع الأربع عليه فهو كالعهدة التي عليها اعتماد اليد.

وخلق وضع الأصابع الأربع على صف واحد والإبهام مقابلا لها ليدغمها كلها بواحدة، وجعلت غليظة قوية لتكون مساوية لقوة الباقي، وخلقت الأصابع مختلفة المقادير لتستوي أناملها كلها عند تقعير الراحة وعند القبض تبقى كالصندوق الحافظ للشيء والإبهام عليه كالقفل، ويمكن أن يكون سلاحا يضرب به العدو، فلو اجتمع الأولون والآخرون على وضع أحسن من هذا لا يمكنهم فسبحان من أحسن كل شيء خلقه، وخلق الأصابع من عظام مصمتة ليدغمها فلو كانت لحمة لكانت أفعالها واهية، ولم يخلق من عظم واحد لتشكل بالأشكال المختلفة ولم تزد على ثلاثة أنامل؛ لأنها كانت تورث ضعفا ولو خلقت من أنملتين لكانت الوثاقة

<<  <   >  >>