للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[فصل: في جزائره وبحاراه]

(منها) ما ذكره أبو حامد قال: رأيت في هذا البحر جبلا من طين أسود كالقير والبحر محيط به، وفي سنام ذلك الجبل شق طويل يخرج منه الماء، ويوجد في ذلك الماء سناج الدانق من الصفر، وربما يكون أكبر أو أصغر، يحملها الناس إلى الآفاق للتعجب.

(ومنها) جزيرة الحيات، قال أبو حامد: إنها بقرب الجبل الذي ذكر، وهي جزيرة امتلأت من الحيات، وفيها حشيش كثير، والحيات في وسطها لا يقدر أحد أن يضع رجله على الأرض؛ لكثرة ما فيها من الحيات المتلفة بعضها على بعض، وفيها طيور كثيرة، والحيات لا تتعرض لبيض الطيور وفراخها، رأيت الناس يأخذون بأيديهم العصي ويزيلون الحيات بها عن مكان أقدامهم، ويمشون بين الحيات، ويأخذون بيض الطيور وفراخها، والحيات لا تؤذي أحدا منهم.

(ومنها جزيرة الجن) وهي جزيرة ليس بها أنيس ولا شيء من الوحوش، وتسمع أصوات كأنهم يقولون: غلب الجن عليها، ولا يجسر أحد أن يقربها، والله أعلم.

(ومنها جزيرة الغنم) قال سلام الترجمان رسول الخليفة إلى ملك الخزر: وهي جزيرة ما بين الخزر والبلغار، فيها من الأغنام الجبلية مثل الجراد، لا يمكنها الفرار لكثرتها، وما رأيت في تلك الجزيرة حيوانا غيرها، وفيها عيون وحشيش وأشجار كثيرة، فسبحان من لا تحصى نعمه.

[فصل: في حيوان هذا البحر]

ذكر أبو حامد الأندلسي في كتاب العجائب الذي ألفه للوزير ابن هبيرة عن سلام الترجمان رسول الخليفة إلى ملك الخزر، قال: أقمت عند ملك الخزر أياما ورأيت أنهم اصطادوا سمكة عظيمة جدّا، وجذبوها بالحبال؛ فانفتحت أذن السمكة وخرجت منها جارية بيضاء حمراء طويلة الشعر حسنة الصورة، فأخرجوها إلى البر، وهي تضرب وجهها وتنتف شعرها وتصيح، وقد خلق الله تعالى في وسطها غشاء كالثوب الصفيق من سرتها إلى ركبتها، كأنه إزار مشدود على وسطها فأمسكوها حتى ماتت.

(ومنها التنين العظيم) (١) ذكروا أنه يرتفع من هذا البحر تنين عظيم شبه السحاب الأسود،


(١) التنين: حيوان بحري عظيم مخيف، ويقال: إنه حيوان أسطوري يجمع بني الزواحف والطير، ويزعمون أن له مخالب أسد وأجنحة نسر وذنب أفعى، ويتخذ في بعض البلاد رمزا قوميّا.
ومما لا شك فيه أن القدماء أطلقوا هذا الاسم على بعض المخلوقات العجيبة المنظر، وفي منظرها دليل على

<<  <   >  >>