المحتبسة، ويقتل الدود وحب القرع، وينفع للملسوع طلاء، وربما يتوقد من غير نار بل بتحريكه.
(وأما المومياين) فإنه شبيه بالقير، لكنه كثير المنافع، ومعدنه بالموصل وبأرجان من أرض فارس، ينفع من الخلع والكسر والضربة والسقطة والفالج واللقدة شربا وتمريخا، ومن الشقيقة والصداع البارد والصرع والدوار سعوطا بماء المرزنجوش، ومن الخناق والخفقان.
(وأما العنبر) فقد اختلف الناس في معدنه، فمنهم من زعم أنه من عين في البحر كالقير، ومنهم من زعم أنه طل يقع على بعض الأشجار في البحر، ثم يترشح من خلالها وينعقد هناك، وإنها في بقاع مخصوصة في زمان معلوم كما أن الترنجبين طل يقع على نوع من الشوك بخراسان في وقت معلوم.
ومنهم من قال: إنه روث حيوان مائي، ولا خلاف في أن تولده في البحر، والبحر يقذفه إلى الساحل، وذكروا أن بحر الزنج يقذف في بعض الأوقات قطعة عظيمة تشبه تلاّ، وأكثر ما يرى على قدر الجماجم أكثر ألف مثقال، وكثيرا ما يوجد في جوف السمك البحري والذي يأكله يموت، ويكون في هذا الصنف سهوكة لا رائحة له.
ومن خاصيته تقوية الدماغ والحواس والقلب تقوية عجيبة، وهو يزيد في جوهر الروح وينفع المشايخ جدّا بلطف تسخينه والشربة منه دانق وما فوقه مضر، وليكن هذا آخر الكلام في المعدنيات، والله الموفق للصواب.
[النظر الثاني: في النبات]
النبات متوسط بين المعادن والحيوان؛ بمعنى: خارج عن نقصان الجمادية الصرفة التي للمعادن وغير واصل إلى كامل الحسن والحركة اللتين اختص بهما الحيوان؛ لكنه يشارك الحيوان في بعض الأمور؛ لأن الباري تعالى يخلق لكل شيء من الآلات ما يحتاج إليها في بقاء ذاته ونوعه، وما زاد على ذلك تكون ثقلا وكلاّ عليه لا يخلفه، ولا حاجة للنبات للحس والحركة بخلاف الحيوان.
ومن عجيب صنع الله تعالى أن الحبّ والنوى إذا حصلا في تربة ندية وأصابهما حر الشمس انشقا وحدث بقوة خلق الله تعالى فيهما الأجزاء اللطيفة الأرضية من الأرض والمائية من الماء.