وأهدى ملك النوبة إلى المتوكل قردا خياطا وآخر صائغا، وأهل اليمن يعلمون القرود القيام بحوائجهم حتى إن القصّاب والبقال يعلم القرد الحفظ للدكان؛ فالقرد يحفظ دكانه حتى يعود صاحبه، وتلد القردة في بطن واحد من واحد إلى عشرة واثنى عشر، وتحمل الأنثى بعض أولادها والباقي يحمله الذكر، وللقرود مجالس مشهورة تجتمع فيها كثيرا يسمع منها حس همهمة، والإناث معتزلات عن الذكور وللذكور منها غيرة شديدة على الإناث.
(وحكى) بعض أهل صنعاء أنه مر بقرد في سفح جبل نائم واضع رأسه في حجر زوجته وقد غاص في نومه فإذا بقرد آخر قد جاء ووقف حذاءها فوضعت القردة رأس زوجها رويدا رويدا وقامت إلى ذلك القرد وجامعها كما يجامع المرأة الرجل فلما تنبه القرد ولم يجدها اتبع أثرها حتى وجدها فلما دنا منها شمهما فعلم أنها زنت فصاح صيحة عظيمة، فاجتمع عليه كثير من القرود فأخبرهم بفعلها فحفروا لها حفرة وجعلوها في تلك الحفرة ورجموها حتى ماتت (١).
قال بليناس: إذا ألقيت القرد في ماء وسقيت من ذلك الماء إنسانا أشبه القرود في أفعاله، وقال: من تصبح بوجه القرد عشرة أيام متوالية جلب إليه السرور ولا يكاد يحزن واتسع رزقه وأحبته النساء محبة شديدة وأعجبن به.
[فصل: في خواص أجزائه]
(عينه) تعلق على إنسان يمزح معه كل من رآه.
(سنه) يعلق على إنسان لا يغلبه النوم ولا الفزع بالليل، ويكتحل به بعد أن يسحق يزيل بياض العين.
(لحمه) ينفع من الجذام أكلا وعرف ذلك من الأسد فإنه كثير الجذام وإذا أكل القرد برئ.
(دمه) من شرب منه يخرس حتى لا يقدر على الكلام أصلا ويقبح في أعين الناس. (جلده) إذا علق على شجرة يدفع عنها ضرر البرد، ويتخذ من جلده غربال يغربل به البذر فإنها إذا زرعت تسلم من آفات الجراد، والله الموفق.
(كركند) حيوان في جثة الفيل خلقته خلقة الثور إلا أنه أعظم منه ذو حافر وقرون، وغضبه سريع وحملته صادقة تخافه جميع الحيوانات بأرض الهند على رأسه قرن حاد الرأس غليظ الأسفل فيه انحناء محدبة إلى وجهه ومعقرة إلى ظهره.