ولقد ضل في هذا المجال مشركو العرب الذين كانوا يزعمون أن الملائكة إناث. واختلطت هذه المقولة المجافية للحقيقة عندهم بخراصة أعظم وأكبر إذ زعموا أن هؤلاء الإناث بنات الله. وناقشهم القرآن في هاتين القضيتين فبين أنهم فيما ذهبوا إليه لم يعتمدوا على دليل صحيح، وأن هذا القول قول متهافت. ومن عجب أنهم ينسبون لله البنات، وهم يكرهون البنات، وعندما يبشر أحدهم بأنه رزق بنتا يظل وجهه مسودا وهو كظيم وقد يتوارى عن الناس خجلا من سوء ما بشر به. وقد يتعدى هذا المأفون طوره فيدس هذه المولودة في التراب. ومع ذلك كله ينسبون لله الولد ويزعمون أنهم إناث وهكذا تنشأ الخرافة وتتفرع في عقول الذين لا يتصلون بالنور الإلهي، قال تعالى: ﴿فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَناتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ * أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ إِناثاً وَهُمْ شاهِدُونَ * أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ * وَلَدَ اللهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ * أَصْطَفَى الْبَناتِ عَلَى الْبَنِينَ * ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ * أَفَلا تَذَكَّرُونَ * أَمْ لَكُمْ سُلْطانٌ مُبِينٌ﴾ [الصافات: ١٤٩ - ١٥٦]. وورد عن شيخ الإسلام ابن تيمية أنه قال: (من قال إن الملائكة إناث فهو كافر، ومن قال إن الملائكة ذكور، فهو زنديق لأنه تقول على الله بغير علم) ومن هنا يجب أن يحذر المسلم في أن يتقول في مثل هذه الأمور بلا علم قال تعالى: ﴿وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَيُسْئَلُونَ﴾ [الزخرف: ١٩]. انظر عالم الملائكة الأبرار للأشقر (١٣ - ١٤).