والأجساد السبعة إنما تتولد من اختلاط الزئبق بالكبريت على اختلاف الكمّ والكيف، والزئبق يتولد من أجزاء مائية اختلطت بأجزاء أرضية لطيفة كبريتية، والكبريت يتولد من أجزاء مائية وهوائية وأرضية نضجتها حرارة قوية حتى صار مثل الدهن.
وأما الأجسام الصلبة الشفافة، فتتولد من مياه عذبة وقعت في معادنها بين الحجارة الصلدة زمانا طويلا حتى غلظ وصفا وأنضجته حرارة المعدن بطول وقوفها.
وأما غير الشفافة، فمن امتزاج الماء بالطين إذا كانت فيه لزوجة، وأثّرت فيه حرارة الشمس بمدة طويلة. وأما الأجسام التي تنحل بالرطوبات فمن ماء مختلط بأجزاء أرضية محترقة يابسة اختلاطا شديدا.
وأما الأجسام الدهنية فمن الرطوبات المختلفة في باطن الأرض إذا احتوت عليها حرارة المعدن تحللت ولطفت واختلطت بتربة القاع، وحرارة المعدن دائما في نضجها وطبخها حتى تزداد غلظا، وصار مثل الدهن، وسيأتي الكلام في تولد كل واحد منهما إن شاء الله تعالى.
وزعموا أن الذهب لا يتولد إلاّ في البراري الرملية والجبال والأحجار الرخوة، وأما الفضة والنحاس والحديد وأمثالها فلا يكون إلاّ في جوف الجبال والأحجار المختلطة بالتراب الندي، والكباريت لا تتكون إلاّ في الأراضي الندية والتراب الندي والرطوبات الدهنية.
والأملاح لا تنعقد إلاّ في الأراضي السبخة، والأسفيداج لا ينعقد إلاّ في الأرض الرملية المختلط ترابها بالجصّ، والزاجات والشبوب لا تتكون إلاّ في التراب العفص النشف، وعلى هذا القياس حكم أنواع الجواهر، كل واحد منها مختص ببقعة من البقاع، وتولدها فيها من خاصية تلك البقعة، وهي مع كثرة أفرادها داخلة تحت ثلاثة أنواع: الفلزات، والأحجار، والأجسام الذهبية، فلنتكلم فيها إن شاء الله تعالى، وبالله التوفيق.
[النوع الأول: الفلزات]
وهي الأجساد السبعة (١) زعموا أن تولدها من اختلاط الزئبق والكبريت، فإن كان الزئبق والكبريت صافيين واختلطا اختلاطا تامّا، وشرب الكبريت رطوبة الزئبق كما تشرب الأرض نداوة الماء، وكان فيه قوة صباغة، ومقدارهما متناسبين، وحرارة المعدن تنضجهما على اعتدال، ولم