قيل: إنه لا يأكل حتى يضعف في الحركة، حتى لو أن أضعف الناس إذا أراد مسكه في هذه الحالة مسكه، إذا باض أتى بورق الدلب كما في الأصل، وهو لا يحضن البيض وإنما يبيض في الأماكن العالية ويلقيه في الشمس فتكون حرارتها بمنزلة الحضن.
ومن طبعه أنه لو شم رائحة الطيب مات لوقته وعنده الحزن على فراق إلفه؛ حتى قيل: إنه ليموت أسفا وكمدا، ويقال: للأنثى منه أم قشعم وفي الحديث «أتاني جبريل ﵇ فقال:
يا محمد إن لكل شيء سيدا وآدم سيد البشر وسيد ولده أنت وسيد الروم صهيب وسيد فارس سلمان وسيد الحبشه بلال وسيد الطير النسر وسيد الشهور رمضان وسيد الأيام الجمعة وسيد الكلام العربي القرآن وسيد القرآن سورة البقرة» (١).
والنسر طائر يقال له بالفارسية: كركس، يأكل الجيف حتى لا يقدر على الطيران.
قالوا: يعيش ألف سنة، وأكثر ما يأتي بورق الدلب يتركه في عشه؛ لئلا يأكل الخفاش بيضها.
قال جالينوس: قالوا لنا من علم النسر إذا خاف على بيضها من الخفاش يفرش عشه بورق الدلب حتى لا يقربه الخفاش وهذا يعرفه أكثر الأطباء.
وإذا حان أوان بيضها فالنسر الذكر يمشي إلى بلاد الهند ويأتي بحجر يوجد في بعض جبال في الهند ويتركه تحت الأنثى ليخف عليها الألم، وإذا مرض يأكل من لحم الناس وإذا أظلم ضوء عينيه يمسحهما بمرارة الناس ولا طاقة له على شيء من الطيب وحياتها من النتن، والنسر يتبع العساكر لطعمه من لحم القتلى.
[فصل: في خواص أجزائه]
(مرارته) تقطر في الأذن يذهب الطرش العتيق ويكتحل بها سبعا ينفع من ظلمة العين والغشاء ويمنع من نزول الماء، (شحمه) يخلط بالعسل ويكتحل به للرمد بيرأ، (لحمه) يطبخ ويخلط بالورس والملح والكمون والعسل ويسقى للسع الهوام، (شحمه) يذاب ويقطر في الأذن أياما متوالية وليالي يزيل الطرش.