للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلنذكر الآن كوكبة كل صورة على الانفراد وعدد كواكبها وأسمائها وألقابها على مذهب المنجمين؛ ليستدل بأحدهما على الآخر، ويعمل صورها المسماة باسمها المشبه ويرسم كل كوكبة على مواقعها من الصورة؛ ليكون مشاكلا لما يرى في السماء والتي هي خارجة عن الصورة؛ ليستدل الإنسان بأخذ ارتفاعها على الأوقات بها على قدرة الله تعالى صانعها جلت قدرته وتقدست أسماؤه له الحمد كثيرا.

[فصل: في الصور الشمالية]

وهي إحدى وعشرون صورة، وعدد كواكبها من نفس الصورة ثلاثمائة وأحد وثلاثون كوكبا، والتي حوالي الصورة ليست من نفسها تسعة وعشرون كوكبا فجميع الكواكب التي في هذا النصف من الكرة ثلاثمائة وستون كوكبا، وهذه أسماؤها:

(كوكبة الدب الأصغر) هي أقرب كوكبة إلى القطب الشمالي، وكواكبها من نفس الصورة سبعة، والخارج عن الصورة خمسة، والعرب تسمي هذه السبعة بنات نعش الصغرى، فالأربعة التي على المربع نعش، والثلاثة التي على الذنب بنات، وتسمي النيرين من الأربعة الفرقدين، والنير بالذي على طرف الذنب الجدي، وهو الذي يتوخى به القبلة، وجميع الكوكب الداخلة في الصورة والخارجة عنها تشبه بحلقة سمكة وتسمى الفأس؛ لشبهها بفأس الرحا الذي يكون القطب في وسطه وقطب معدل النهار عنده بأقرب شيء إلى كوكب الجدي.

(كوكبة الدب الأكبر) كواكبه تسعة وعشرون كوكبا من الصورة وثمانية حوالي الصورة، والعرب تسمي الأربعة النيرة التي على المربع المستطيل، والثلاثة التي على ذنبه بنات نعش


(١) وبماذا كنت تثبت هذا القول لو قلته؟ وما ترى الناس كانوا قائلين لك لو سمعوه منك سوى تسفيه رأيك وتضليل عقلك؟ أفتنكر أن تقول هذا في دولاب خسيس مصنوع بحيلة تصيره لمصلحة قطعة من الأرض أنه كان بلا صانع ومقدر وتقدم على أن تقول هذا الدولاب الأعظم المخلوق بحكمة تقصر عنها أذهان البشر لصلاح جميع الأرض وما عليها أنه شيء اتفق أن يكون بلا صنعة ولا تقدير؟ ولو اعتل هذا الفلك كما تعتل هذه الآلات التي تتحد لرفع الماء وغيرها ما كان عند الناس من الحيلة من صلاحه ولو تخلفت عنهم مقدار عام أو بعض عام كيف تكون حالهم؟ بل كيف كان يكون لهم مع ذلك بقاء؟ أفلا ترى كيف كفي الناس هذه الأمور الجليلة التي لم يكن لها فيها عندهم حيلة فصارت تجري على مجاريها لا تعتل ولا تختل منافعها ومصالحها ولا تتخلف عن مواقيتها؛ لصلاح العالم وما فيه.
انظر: الدلائل والاعتبار للجاحظ ص ١٢.

<<  <   >  >>