وأما الرباطات العصبية ليربط بعضها ببعض رباطا وثيقا فتصير كالشيء الواحد، وأما الأجنحة فتكون مدخلا لرءوس الأضلاع فيها ووقاية للخرزات من جوانبها كما أن السناسن وقاية من ورائها، وإنما خلقت خرزات ليسلم الباقي إن أصابت الآفة شيئا منها ولما كان انحناء البدن إلى قدام أكثر من انحنائه إلى خلف جعل السناسن والربط بمن خلف ليكون قدامها أسلس للحركة فصار جملة الصلب كشيء واحد مخصوص بأفضل الأشكال وهو المستدير لأنه أبعد الأشكال عن قبول الآفات وتعطفت رءوس الخرزات العالية إلى أسفل والسافلة إلى أعلى، واجتمعت العاشرة وهي الواسطة ذات فقرة لا بارز لها وجعلت الفم الفوقانية والسفلانية متوجهة إليها؛ لأن الإنسان يحتاج إلى الانحناء وذلك بأن تميل الواسطة إلى ضد الجهة وما فوقها وما تحتها إلى الجهة؛ لأن طرفي الصلب يميلان إلى الالتقاء والواسطة تميل إلى خلاف جهة ميل الطرفين كانحناء القوس عند المد، ولما كان الواجب أن يعم الحس الظاهر جميع البدن وجب أن يصل إليها شعب العصب، ولم يمكن إيصال عصب الدماغ إليها لبعد ما بين هذه الأعضاء والدماغ ودقة أعصابه فإن حجم الدماغ لا يحتمل أعصابا قوية تصل إلى جميع أعضاء البدن فاقتضت الحكمة الإلهية إخراج شعبة قوية من مؤخر الدماغ في طول البدن وهو النخاع، وأحاط به عظام الفقرات ليحفظ النخاع بصلابتها، وأخرج من النخاع في كل موضع يحتاج إلى التحريك والإحساس عصبا يتصل به والقطن مع العجز كالقاعدة الصلب وهو دعامة وحامل لعظم العانة ومنبت لأعصاب الرجل.
[النوع السابع: الجنب]
وهو مركب من الأضلاع وقد شدت خللها بلحم دقيق وقاية لما يحيط به من آلات التنفس وآلات الغذاء، ولم يجعل عظما واحدا؛ لئلا يثقل ولا تعم آفته وكل ضلع مقوس يدخل منه زائدتان في نقرتين غامرتين في كل جناح من أجنحة الفقرات فالصلب كالحائزة، والأضلاع كالجذوع واللحوم في خلالها كالعوارض، ولما كانت محيطة بالرئة والقلب وجب الاحتياط في وقايته، فخلقت الأضلاع السبعة العليا مشتملة على ما تحويها من جميع الجوانب ملتقية عند القص وجناح الفقرات وأما ما يلي ذلك فخلقت من خلف محرزة حيث لا يحرسه الحاسة ولم يتصل من قدام بل درجت يسيرا يسيرا في الانقطاع لتصير وقاية للكبد والطحال وتتوسع لمكان المعدة ولا تنضغط عند امتلائها فالخمسة المتقاصدة خلقت رؤوسها متصلة بغضاريف ليأمن الانكسار عند المصادمات، ولئلا يلاقي الأعضاء اللينة والحجاب بصلابتها بل بجرم متوسط في الصلابة واللين.