كل موجود سوى الواحد سبحانه مخلوق، وكل ذرة من جوهر وعرض وصفة موصوف فيها غرائب وعجائب يظهر فيها حكم الله تعالى وقدرته، وإحصاء ذلك غير ممكن.
لكنا نشير إلى ذلك ونقول إجمالا: الموجودات منقسمة: إلى ما لا نعرف أصلها ولا يمكننا النظر فيها، فكم من موجود لا نعلمه كما قال الله تعالى: ﴿وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ﴾ [النحل: ٨]، وإلى ما نعرف جملها ولا نعرف تفصيلها، وهي منقسمة إلى ما لا يدرك بالبصر: كالعرش والكرسي والملائكة والجن والشياطين وغيرها فمحال النظر فيها، ولا يمكن أن يقال فيها إلا ما صح بالنصوص والأخبار والآثار.
وأما المدركات بالبصر: كالسموات والأرض وما بينهما، والسموات مشاهدة بكواكبها وشمسها وقمرها ودورانها، والأرض مشاهدة بما فيها من جبالها وبحارها وأنهارها ومعادنها ونباتها وحيوانها وما بين السماء والأرض: وهو الجو مدرك بغيومها وأمطارها وثلوجها ورعودها وبروقها وصواعقها وشهبها وعواصف أرياحها، فهذه هي أجناس المشاهدات من السموات والأرض وما بينهما، وكل جنس منها ينقسم إلى أنواع، وكل نوع ينقسم إلى أصناف، وكل صنف ينقسم إلى أقسام.
ولا نهاية لاستيعاب ذلك وانقسامها في اختلاف صفاتها وهيئاتها ومعانيها الظاهرة والباطنة، وفي جميع ذلك مجال البصر فلا تتحرك ذرة في السموات والأرض إلا وفي تحريكها حكمة أو حكمتان أو عشرة أو ألف، وكل ذلك دليل على وحدانيته وكبريائه وعظمته كما قال بعضهم: