(مرارته) إن جففت وسحقت وذرت في جونة الحواء ماتت الحيات التي وقع عليها، ويكتحل بها من لدغته العقرب في العين التي من جانب اللدغة ينفعه، (دمه) ينفع من السموم القاتلة شربا، (عظمه) يحرق ويسحق ويضمد به الدماميل وينضجها وكذلك الجراحات.
(حمام) هو الطير المشهور الهادي إلى أوطانه من المسافة البعيدة، وهو أشد الطيور ذكاء، فإذا أرسل من موضع بعيد يصعد نحو الهواء، ويكون صعوده مدورا كما أخذ، فلا يزال يصعد وينظر حتى يرى شيئا من علامات بلده فعند ذلك يهبط إليها في أدنى زمان.
وربما تغيمت السماء فيصير الغيم حائلا بينه وبين الأرض فيقع في بلاد شاسعة أو يصيده شيء من الجوارح وترى عجبا بين زوج الحمام من الملاعبة والغنج مثل ما يجري بين الناس من القبلة والمعانقة وغيرهما.
ورأيت حمامة تسجد لذكرها حال طلبه، وحمامة رأيتها لا تسجد إلاّ مع شدة الطلب، ورأيت ذكرا له أنثيان يحضن بيض هذه وهذه، وأنثيين يساحقان كسحاق النساء يبيضان أربع بيضات ولا يفقسان.
ومن العجب أن الحمام الذكر يحس بما أودع رحم الأنثى فعند ذلك يهتم بعمل الأفحوصة فيتخذانها على قدر بدنهما فإذا شخصا لتلك الأفحوصة جوفاها؛ حتى يظهر فيها مقعد تبقى البيضة فيه مصونة، فإذا وضعته يتناوبان عليه الحضن بعدما سخنا موضعهما وأحدثا له رائحة أخرى مستحدثة من طبيعة أبدانهما، ويقلبان البيض في أيام الحضن وساعاتها، وأكثرها على الأنثى كالمرأة التي تتكفل بالحضانة.
فإذا صارت فراخا فأكثر الزق على الذكر كالرجل الذي يتكفل بالنفقة، وإذا الفرخ نفخا في حلقه حتى يتسع ممر الغذاء لعلمهما بأن آلات ممر غذاء الفرخ لا تحتمل الطعام؛ فيزقانه أولا باللعاب المختلط بالطعام مكان اللبن، ويعلمان أن حوصلته تحتاج إلى دبغ فيأكلان سوارح الحيطان.
قالوا: من أراد لونا من الحمام كأسود الرأس أو الذنب أو مثل ذلك فليتخذ حماما من الخرق على ذلك اللون ويتركها عند مسقى الحمام، فإذا كان حمامة وقعت عينها عليها حالة التزاوج يأتي فرخها على ذلك اللون.