للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(النظر الثامن في فلك زحل) وهو يحده سطحان متوازيان مركزهما مركز العالم: الأعلى منهما مماس لفلك الكواكب الثابتة، والأدنى منها مماس لفلك المشترى، وتتم دورته المختصة به من المغرب إلى المشرق في تسع وعشرين سنة وخمسة أشهر وستة أيام، قال بطليموس: ثخن جرم فلك زحل أحد وعشرون ألف ألف ميل وستمائة وستة وثلاثون ألفا وستمائة وستة أميال.

[فصل]

وسماه المنجمون النحس الأكبر؛ لأنه في النحوسة فوق المريخ، وأضافوا إليه الخراب والهلاك والهم والغم وجرم زحل كجرم الأرض إحدى وثمانين مرة وقطره كقطر جرم الأرض أربعين مرة وثلثي المرة، وزعموا أن النظر إليه يفيد غمّا وحزنا، كما أن النظر إلى الزهرة يفيد فرحا وسرورا.

(النظر التاسع في فلك الثوابت) وهو يحده سطحان متوازيان مركزهما مركز العالم: فالأعلى منهما مماس للفلك الأعظم المحيط بجميع الأفلاك المحرك لها، والأدنى منها مماس لفلك زحل، وهذا الفلك أيضا يتحرك من المغرب إلى المشرق حركة بطينة فيقطع في كل مائة سنة جزءا من الأجزاء التي بها تكون الدائرة ثلاثمائة وستين جزءا، ودورته تتم في سنة وثلاثين ألف سنة، وقطباها قطبا دائرة البروج التي ترسمها الشمس، وسيأتي ذكر ذلك إن شاء الله تعالى.

وقد وجد في رصد بطليموس، وأرصاد من كان قبله أن جميع الكواكب الثابتة مركوزة في جرم هذا الفلك ولذلك لا تختلف أوضاعها وكلها تتحرك بحركة فلكها البطيئة على محيط دائرته غير مفارقة لها وكثيرة مختلفة الأقدار مثبتة في جميع جرم هذا الفلك، قال بطليموس: ثخن فلك الثوابت وهو المسافة التي بين سطحه الأدنى أربعة وثلاثون ألفا وسبعمائة وأربعون وأربعون ميلا بالتقريب، وهذا المقدار هو قطر الكواكب الثابتة التي هي في العظم الأول وجرم الكواكب الذي هو في العظم الأول مثل جرم الأرض أربعة وسبعين مرة وخمس، وجرم أصغر الكواكب الثابتة وهو الذي يكون في العظم السادس مثل جرم الأرض ثماني عشرة مرة، وقطر فلك الكواكب الثابتة وهو محدد فلك البروج مائة وأحد وخمسون ألف ألف ميل وخمسمائة وسبعة وثلاثون ألفا ومائة وأربعة وثمانون ميلا، ولعل البعض يستبعد معرفة مقادير هذه الأجرام، ويخطر له أن الذي على سطح الأرض كيف يدري ثخن الفلك وأجرام كواكبه؟ فالأولى بتركه الاستبعاد؛ فإن الأمر الذي لا يعرفه هو لايستحيل أن يعرفه غيره ومن مارس علم الهندسة لا يتعذر عليه براهين هذه الأمور؛ فإن لكل عمل رجالا فسبحان من أبدع هذه الأجسام الرفيعة، وزينها بهذه الأجسام المنيرة، وخص كل واحد منها بما شاء من المقدار، وأعطى الإنسان آلة يدرك بها هذه الأمور الغامضة، فقال تعالى: ﴿وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً﴾ [الإسراء: ٧٠].

<<  <   >  >>