وهي التي تحيل ما جذبته الجاذبة وأمسكته الماسكة إلى مزاج صالح تجعل بعضها جزءا من المغتذي وبعضها فضلا.
[(الرابعة: الدافعة)]
وهي التي تدفع الفضل الذي لا يصلح أن يكون غذاء أو زاد على قدر الكفاية، والله أعلم بالصواب.
[(الصنف الثاني: القوى الخادمة)]
وهي أربع أيضا.
[(الأولى: الغاذية)]
وهي التي تحيل الغذاء إلى مشابهة المغتذي ليخلف بدل ما يتحلل.
[(الثانية: النامية)]
وهي التي تزيد في أقطار الجسم على التناسب الطبيعي، ليبلغ به تمام النشوى والفرق بينهما وبين الغاذية أن الغاذية تورد الغذاء تارة مساويا وتارة ناقصا وأما النامية فلا تورده إلا زائدا من المتحلل.
[(الثالثة: المولدة)]
وهي القوة التي تولد ما يصلح أن يكون مبدأ لشخص آخر كالنطفة في الحيوان والحب والنوى في النبات.
[(الرابعة: المصورة)]
وهي التي يصدر عنها التخطيط والتشكيل والملامسة والخشونة وأمثال ذلك.
[فصل: في الفوائد العجيبة لهذه القوة في أمر التغذية]
وذلك أن تصير جزء النبات، جزء الحيوان بأن تصيره في المعدة مثل ماء الكشك الثخين، ثم تجذبه إلى الكبد فيصير دما ثم الكبد يقسمه على البدن بواسطة الأوردة، فيصل إلى كل عضو حظه فيصير لحما وعظما بأطوار وتصرفات كثيرة فيه، كما أن البر يجعل طحينا ثم خبزا يتصرف صناع البلد فيه، فصناع الباطن القوى كما أن صناع الظاهر أهل البلد، فقد أسبغ الله عليك نعمة ظاهرة وباطنة فأقول لا بد من قوة تجذب الغذاء إلى جوار اللحم والعظم، فإن الغذاء لا يتحرك بنفسه، ولا بد من قوة أخرى تمسك الغذاء في جواره ريثما تعمل فيه القوة الأخرى، ولا بد من قوة أخرى تخلع عنه صورة الدم، وتعطيه صورة العضو ولا بد من قوة أخرى تدفع عنه الفضل والزائد على الحاجة فهذه هي القوى الخادمة، ثم لا بد من قوة تلصق ما اكتسب صفة العظم بالعظم وما اكتسب صفة اللحم باللحم حتى يصير جزءا منهما، ثم لا بد من قوة تراعي المقادير في الإلصاق فيلحق بالمستدير ما لا يبطل استدارته، وبالعريض ما لا يزيل عرضه، وبالمجوف ما لا يزيل تجويفه، ويحفظ على كل واحد قدر حاجته فلو جمع على الأنف من الغذاء مقدار ما يجمع