قال أبو الريحان: طول قطر الأرض بالفراسخ ألف ومائة وثلاثون وستون فرسخا وثلثا فرسخ، ودورها بالفراسخ ستة آلاف وثمانمائة فرسخ؛ فعلى هذا يكون مساحة سطحها الخارج أربعة عشر ألفا وسبعمائة وأربعة وأربعين ألفا ومائتين واثنين وأربعين فرسخا وخمسي فرسخ.
وقال المهندسون: لو حفر في الوهم وجه الأرض لأدى في الوهم إلى الوجه الآخر، ولو نقب بأرض فرسخ مثلا لنفذ بأرض الصين، واحتجوا على هذا ببراهين هندسية، واعتبرت مساحة الأرض في زمن أمير المؤمنين المأمون بارتفاع قطب معدل النهار، فكان نصيب كل درجة فلكية ستة وخمسين ميلا وثلثي ميل.
[فصل: في أرباع الأرض وعماراتها]
قال أبو الريحان: سطح معدل النهار يقطع الأرض بنصفين على دائرة تسمى خط الاستواء، فيسمى أحد نصفها شماليّا والآخر جنوبيّا، وإذا توهمت دائرة عظيمة على الأرض مارة على قطب خط الاستواء قسمت كل واحد من نصفي الأرض بنصفين فانقسم جملتها أرباعا جنوبيان وشماليان.
فالربع الشمالي المسكون يسمى ربعا معمورا، وهذا الربع يشتمل على ما يعرف ويسلك من البحار والجزائر والجبال والأنهار والمفاوز والبلدان والقرى، إلا أنه بقي منه قطعة غير معمورة من إفراط البرد وتراكم الثلوج.
وقال غيره: معدل النهار يقطع الأرض بنصفين، كل نصف بربعين شماليين وجنوبيين، فالشماليان هما المعمورة، وهو من العراق إلى الجزيرة والشام ومصر والروم وفرنجة ورومية والسوس إلى جزائر السعادات، هذا الربع غربي شمالي، ومن العراق إلى الأهواز والشمال وخراسان وتثبت إلى الصين إلى واقرها، فهذا الربع شرقي شمالي.
وكذلك النصف الجنوبي ربعان شرقي جنوبي، فيه بلاد الزنج والحبشة والنوبة، وربع غربي جنوبي لم يطأه أحد البتة، وهو متاخم للسودان الذين يتاخمون البربر.
وحكي أن بطليموس الملك اليوناني بعث إلى هذا الربع قوما ليبحثوا عن بلاده؛ فذهبوا وبحثوا عن أهل بلاده، ثم انصرفوا وأخبروا أنه خراب يباب، ليس فيه عمارة ولا حيوان، فسمي هذا الربع الخراب، وقيل: الربع المحترق.