وهناك مجمع البحرين، وهما بحر الروم والمغرب، وعرضه ثلاثة فراسخ، وطوله خمسة وعشرون فرسخا، وفيه يظهر المد والجزر في كل يوم وليلة أربع مرات، وذلك في البحر الأسود وهو بحر المغرب، عند طلوع الشمس يعلو يصب في مجمع البحرين حتى يدخل في بحر الروم وهو البحر الأخضر إلى وقت الزوال.
فإذا زالت الشمس غاض البحر الأسود، وانصب فيه الماء من البحر الأخضر إلى مغرب الشمس، ثم يغيض الماء الأخضر ويعلو البحر الأسود إلى نصف الليل، ثم يغيض البحر الأسود وانصباب الماء من البحر الأخضر إلى طلوع الشمس، وفي هذا البحر من الجزائر والحيوانات ما يتعجب منه، فلنذكر بعضها إن شاء الله تعالى.
[فصل: في جزائره]
ذكر أبو حامد الأندلسي في كتابه الذي ألفه للوزير ابن هبيرة: أن مجمع الترب جزيرة فيها منارة مبنية من الصخر الصلد، لا يعمل فيها الحديد شيئا، ولها أساس راسخ، وليس للمنارة باب، وعلى رأس المنارة صورة إنسان ملتحف بثوب كأنه من ذهب، يده اليمنى ممدودة إلى البحر الأسود يشير بأصبع إلى شيء، وعلو المنارة أكثر من مائة ذراع.
وقال غيره: إن تلك الصورة طلسم عمله بعض الملوك صيانة لذلك الموضع من إتيان العدو، وإنه مأمون مادام ذلك الطلسم باقيا.
(ومنها جزيرة تيس) وهي في بحر الروم، وذكر أبو حامد الأندلسي: أنها جزيرة عظيمة فيها مدن وقرى كثيرة، من عجائبها أنه يخرج إليها في كل يوم طير يصطادونه ويبقى أياما، ثم ينقطع ذلك النوع ويظهر نوع آخر ويبقى أياما وهكذا أبدا، ويتم مائة ونيفا وثلاثين نوعا، وأساميها مكتوبة، رأيت في نقل ذلك سآمة.
(ومنها جزيرة) ذكرها صاحب الغرائب، قال: إن في بحر الروم جزيرة كثيرة الأشجار والأزهار، من شم شيئا منها نام في ساعته.
(ومنها) ما ذكره أبو حامد الأندلسي من أن على البحر الأسود من ناحية أندلس جبل عليه كنيسة من الصخر منقورة في الجبل، وعليها قبة عظيمة، وعلى القبة غراب اليبرح من أعلى القبة وفي مقابلة القبة، وهي كشبه مسجد يزوره الناس ويقولون: إن الدعاء فيه مستجاب.