للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أزيد لكن الحركات كانت تنقص عن الكفاية، والحاجة إلى الحركات المتقنة أمس من الحاجة إلى الوثاقة، وخلق عظم قواعدها أعرض، رءوسها أدق؛ لتحسين نسبة الحامل إلى المحمول، وخلق عظاما مستديرة لتكون أبعد من الآفات وخلقت مصمتة؛ لتكون أقوى على الثبات، وخلق باطنها لحميّا؛ ليتمكن من القبض ولا كذلك ظاهرها ليكون سلاحا موجعا.

[فصل: في الظفر]

خلق الظفر للإنسان بمنزلة المخلب للطير والحافر للفرس والظلف في سائر الحيوان وقايه لقوائمها، وجعل معينا للأصابع في الإمساك إذ به يقوم وثاقها، ويمكنه التقاط الأشياء الدقيقة، وهي آلة لأعمال كثيرة كالحك والجرد والنتف وغيرها وجعل صلابتها مع لين ليفيد الفائدتين جميعا، وجعلها قد أحاط بها اللحم من الجوانب لئلا تتسارع إليها الآفات.

[النوع الخامس: البطن]

وهو غشاء مستدير من الصدر إلى الأنثيين (١) ليستبطن آلات الجوف التي هي تحت الحجاب ليكون وقاية جامعة لجميعها مع الوقاية الخاصة بكل واحد منها، وإنما اقتصر على غشاء من غير عظم؛ لأنه بين يدي الحاسة فتحرسه من الآفات بخلاف الظهر والدماغ وليكون لها انبساط وانقباض عند امتلاء المعدة وخلوها.

[النوع السادس: الظهر]

ولما كان الظهر غائبا عن الحاسة اقتضى التدبير الإلهي إحكامه وتوثيقه بعظام صلبة ذات سناسن وأجنحة ووقاية للآلات الشريفة التي وراءه كالرئة والقلب والمعدة وخلق فقاره كالقاعدة لسائر العظام كالخشبة التي تهيأ أولا ثم يربط بها سائر خشب السفينة ثانيا، فإن عظام الفص والأصابع والرأس واليدين والرجلين كلها مربوطة بها، وخلقت خرزات للإنحناء ولكون النخاع في وسطها والحاجة إلى حفظ النخاع ماسة وخلق لكل فقرة شوكة ثابتة إلى الجانب الوحشي وجناحان عن يمينها ويسارها وربطت برباطات عصبية وغشيت بالجوهر الغضروفي، يقال لهذه الشوكات السناسن، وإنما خلقت لتكون خشبة بارزة تلقاها الآفات الهاجمة من خارج فتصيبها النكاية، وتسلم الخرزات وإنما غشاها بالغضروف لئلا تنكسر عند مصادمة الأشياء بالصلبة.


(١) الأنثيين: أي: الخصيتين.

<<  <   >  >>