للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ورقة الحاوي مما يلي الأوج، وغلظه مما يلي الحضيض، ورقة المحوي وغلظه بالعكس، ويقال لكل واحد منهما: المتمم. أما الفلك الصغير فهو في ثخن الفلك الخارج المركز، يقال له:

فلك التدوير والقمر مركوز فيه يتحرك بحركته وحركة هذا الفلك حركة مختصة به، مغايرة لحركة الفلك الكلي، وزعموا أن ثخن فلك القمر وهو بعد ما بين سطحه الأعلى وسطحه الأدنى مائة ألف وثمانية عشر ألفا وستة وستون ميلا، وبطليموس قد ذكر ثخن الأفلاك ومقادير أجرام الكواكب ودوائرها وأقطارها (١)، ولا تستصعبن ذلك فإنه لا يصعب إلا على من لا دراية له بعلم الهندسة، وأما من حل الثانية من إقليدس فيسهل عليه ذلك إن كان فطنا.

[فصل]

وأما القمر فهو كوكب مكانه الطبيعي الفلك الأسفل من شأنه أن يقبل النور من الشمس على أشكال مختلفة، ولونه الداني إلى السواد يبقى في كل برج ليلتين وثلث الليلة، ويقطع جميع الفلك في شهر، وهو أصغر الكواكب فلكا، وأسرعها سيرا، وزعموا أن جرم القمر جزء من تسعة وثلاثين جزءا، أو ربع الجزء من جرم الأرض، ودورة القمر أربعمائة واثنان وخمسون ميلا بالتقريب.

هذا ما وصل إليه آراء الحكماء بحكم المقدمات الحسابية.

[فصل: في زيادة ضوئه ونقصانه]

القمر جرم كثيف مظلم قابل للضياء لا القليل منه على ما يرى في ظاهره، فالوجه الذي يواجه الشمس مضيء أبدا، فإذا كان قريبا من الشمس كان الوجه المظلم مواجها للأرض، وإذا بعد عن الشمس إلى المشرق ومال النصف المظلم من الجانب الذي يلي المغرب إلى الأرض تظهر من النصف المضيء قطعة هي الهلال، ثم يتزايد الانحراف وتزداد بتزايده القطعة من النصف


(١) فكّر أيضا في إنارة القمر والكواكب في ظلمة الليل والأرب في ذلك؛ فإنه مع الحاجة إلى الظلمة ولهدوء الحيوان وبرد الهواء على النبات لم يكن صلاح في أن يكون في الليل ظلمة داجية ولا ضياء فيها فلا يمكن فيه شيء من العمل؛ لأنه ربما احتاج الناس إلى العمل؛ لضيق الوقت عليهم في بعض الأعمال أو لشدة الحر وإفراطه بالنهار فيعمل في ضوء القمر أعمال شتى كحرث الأرض وضرب اللبن وقطع الحطب وما أشبه ذلك فجعل ضوء القمر بالليل معونة للناس على هذه الأعمال إذا احتاجوا إلى ذلك، وجعل طلوعه في بعض الليل دون بعض، وفي تصريف القمر خاصة في مهله ومحاقه وزيادته ونقصانه وكسوفه من التنبيه على قدرة خالقها المصرف لها هذا التصريف لصلاح العالم. انظر: الدلائل والاعتبار ص ٩.

<<  <   >  >>