للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مركزه مركز العالم كالأفلاك التسعة، ومنها ما يشتمل على الوسط لكن ليس مركزه مركز العالم كخارج المراكز، ومنها ما ليس مشتملا على الوسط كأفلاك التداوير، وسيأتي شرحها إن شاء الله تعالى.

ومن الأفلاك ما لم يعرف له إلا كوكب واحد كأفلاك السيارات، ومنها ما لم يعلم عدد كواكبها إلا الله تعالى كفلك الثوابت، ومنها ما ليس له كوكب أصلا في العالم بحسب ما عرف من آراء المتقدمين وأصحاب الأرصاد ولا سيّما بطليموس؛ فإن اعتماد القوم على رصده خمس وأربعون حركة للفلك الأعظم، وحركة لفلك الثوابت، وثمان عشرة حركة لأفلاك الكواكب العلوية لكل واحد منها ست حركات، وحركتان لفلك الشمس، وست حركات لفلك الزهرة، وتسع حركات لفلك عطارد، وست حركات لفلك القمر، وحركتان لما دون فلك القمر وهما حركتا الثقل والخفة، وهذا ما بلغ إليه فهم العقلاء وذهن الأذكياء، والله هو الموفق.

(النظر الثاني) في نظرية القمر وهو يحده سطحان كرويان متوازيان مركزهما مركز العالم:

السطح الأعلى منهما لمقعر فلك عطارد، والأدنى لمحدب كرة النار ويتم دورته في كل ثمانية وعشرين يوما بحركته التي تختص به من المغرب إلى المشرق (١)، وفلك تدويره يدور في الفلك الحاوي في كل أربعة عشر يوما مرة، ففي الدورة الأولى يكون القمر بوجهه الممتلئ إلى مركز الأرض، ثم إن فلكه الكلي ينقسم إلى أربعة أفلاك: ثلاثة منها شاملة للأرض، وواحد صغير غير شامل أما الشاملة فالأول منها: يسمى فلك الجوزهر وهو الذي يماس السطح الأعلى منه السطح الأدنى من فلك عطارد، والثاني منها: يماس السطح الأعلى منه مقعر فلك الجوزهر والثالث منها:

فلك خارج المركز في الفلك المائل من مركزه خارج عن مركز العالم مائل إلى جنب من الفلك الكلي بحيث يماس مقعر سطحية السطح الأدنى من الفلك الكلي على نقطة مشتركة بينهما، ويسمى الأوج، ويماس مقعر سطحيه السطح الأدنى من الفلك الكلي على نقطة مشتركة بينهما، ويسمى الحضيض فيحصل سطحان مختلفا الثخن: أحدهما: حاو للفلك الخارج. والآخر: محوي فيه.


(١) فأما مسير القمر ففيه دلالة واضحة جليلة تستعمله العامة في معرفة الشهور ولا يقوم عليه حساب السنة؛ لأن دوره لا يستوي في الأزمنة الأربعة ونشوء الثمار وتصرمها، ولذلك صارت شهور القمر وسنوه تتخلف عن شهور الشمس وسنيها، وصار الشهر من شهور القمر ينتقل فيكون مرة في الشتاء ومرة في الصيف، قال تعالى: ﴿يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنّاسِ وَالْحَجِّ﴾ [البقرة: ١٨٩].

<<  <   >  >>