للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أحشائها، ورأسها نصف رأس، فمن رآها هكذا استقذرها، ويحسب أنها مأكولة ميتة، ونصفها الآخر صحيح، والناس يتبركون بها، ويهدونها إلى المحتشمين، ويشويها اليهود وقردونها ويحملونها إلى الأماكن البعيدة.

(ومنها سمكة بلغارية كأنها قلنسوة بلغارية) قال أبو حامد الأندلسي: رأيتها وفي جوفها شبه المصارين، ولا رأس لها ولا عين، ولها مرارة كمرارة البقر سوداء، فإذا اصطادها أحد تحركت فيسود الماء الذي حولها مثل الحبر، وأظن ذلك السواد من تلك المرارة، فإذا وقعت في الشبكة يبقى ما حولها أسود جدّا، فيؤخذ من الماء ويكتب به أحسن من كل مداد لا ينمحي، وله سواد وبريق.

(ومنها سمكة) ذكر أبو حامد: أنها تقطع قطعا وهي تتحرك، وربما قلبت القدر إذا أرادوا طبخها فيها، ولا يسكن اضطرابها حتى تصير نضجا، وهي سمكة لحمها طيب الطعم جدّا.

(ومنها سمكة تعرف بالخطاف) قال أبو حامد: لها جناحان على ظهرها أسودان، وإنها تخرج من الماء وتطير في الهواء وتعود إلى البحر.

(ومنها سمكة تعرف بالمنارة) ترمي نفسها على السفينة فتكسرها ويعرف أهلها، فإذا أحس الناس بها ضربوا بالطشوت والبوقات؛ لتبعد عنهم، وهي محنة عظيمة في البحر.

(ومنها سمكة كبيرة) إذا نقص الماء بقيت على الطين، ولا تزال تضطرب إلى ست ساعات، ثم تنسلخ من شدة اضطرابها وقوة تأملها؛ فيظهر لها جناحان من تحت جلدها فتطير وتتحول إلى البحر ذكرها أبو حامد.

والتنانين في هذا البحر كثيرة، وأكثر ما يكون عند طرابلس واللاذقية والجبل الأقرع من أعمال أنطاكية، وسيأتي ذكرها إن شاء الله تعالى.

(بحر الخزر) هو البحر الذي في جهة الشمال على شرقية جرجان وطبرستان، وفي شماله بلاد الخزر، وفي غربيه جبال العقيق، وفي جنوبيه الجبل والديلم، وهو بحر عظيم واسع لا اتصال له بشيء من البحار على وجه الأرض، فلو أن رجلا طاف حوله رجع إلى مكانه الذي ابتدأ منه.

وهو بحر صعب المسلك سريع المهلك كثير الاضطراب شديد الأمواج لا مد فيه ولا جزر، ولا يرتفع منه شيء من اللآلئ والجواهر، وجزائره غير مسكونة، ولكن في جزائره غياض مياه وأشجار، وليس فيها أنيس، قالوا: إن دوران هذا البحر ألف وخمسمائة فرسخ، وطوله ثمانمائة ميل، وعرضه ستمائة ميل، وهو مدور الشكل، فلنذكر شيئا من جزائره وبحاره.

<<  <   >  >>