(ومنها) ما ذكر صاحب تحفة الغرائب: أن في بحر المغرب طائرا يقال له: الماروز طائر مبارك يتبرك به أصحاب المراكب، يبيض عند سكون البحر على الساحل، فإذا رأوا بيضه عرفوا أن البحر يسكن، وهذا الطائر إذا كانت المراكب قريبة من مكان مخوف يأتي ويطير قدام المراكب ويصعد وينزل كأنه يخبرهم بالخوف؛ حتى يدبروا أمرهم، والملاحون يعرفونه، والله الموفق.
(ومنها) الشيخ اليهودي، قال أبو حامد: حيوان وجهه كوجه الإنسان، وله لحية بيضاء، وبدنه على شبه بدن الضفدع، وشعره كشعر البقر، وهو في حجم عجل يخرج من البحر ليلة السبت إلى البر حتى تغيب الشمس ليلة الأحد، فإذا غابت الشمس ليلة الأحد وثب كما يثب الضفدع ويدخل الماء، فلا تحلقه السفن، ذكروا أن جلده إذا وضع على النقرس أزال وجعه في الحال، والله الموفق.
(ومنها سمكة تعرف بالبغل) قال أبو حامد الأندلسي: رأيت بمجمع البحرين سمكة مثل جبل عظيم صاحت صيحة ما سمعت أهول منها، يكاد القلب ينشق منها؛ فاضطرب الماء منها وكثرت الأمواج حتى خفنا الغرق.
قال البحريون: إنها سمكة يقال لها: البغل، هربت من السمكة الكبيرة، وذلك أن السمكة تتبعها لتأكلها في بحر الظلمات، فتنفر منها وتعبر في مجمع البحرين إلى بحر الروم، وتأتي السمكة الكبرى خلفها؛ لتعبر في مجمع البحرين فلا يمكنها لعظمها، هكذا ذكر أهل ذلك الموضع؛ يعني:
مجمع البحرين.
(ومنها حوت موسى ويوشع (١)﵉ قال أبو حامد الأندلسي: رأيت سمكة بقرب مدينة سبتة، وهي نسل الحوت المشوي الذي أكل موسى ويوشع نصفه فأحيا الله النصف الآخر، فاتخذ في البحر عجبا، ولها نسل في البحر إلى الآن في ذلك الموضع، وهي سمكة طولها أكثر من ذراع وعرضها شبر واحد، في أحد جنبيها شوك وعظم، وجلدها رقيق ملتصق على
(١) يوشع هذا هو يوشع بن نون ﵇، فتى موسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، وذكر المحاسبي: أن اسمه إسماعيل، والله أعلم، قال تعالى في قصة موسى مع فتاه: ﴿وَإِذْ قالَ مُوسى لِفَتاهُ لا أَبْرَحُ حَتّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً﴾ روى أبي بن كعب أنه سمع رسول الله ﷺ يقول: «إن موسى ﵇ قام خطيبا في بني إسرائيل فسئل: أي الناس أعلم؟ فقال: أنا؛ فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إليه، فأوحى الله إليه أن لي عبدا بمجمع البحرين هو أعلم منك، قال موسى: يا رب، فكيف لي به؟ قال: تأخذ معك حوتا فتجعله في مكتل فحيثما فقدت الحوت فهو ثم»، وذكر الحديث واللفظ للبخاري.