للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الذي يوجد في الزنج لا يوجد في البصرة، وحاله كحال الخطاطيف وغيرها من الطيور، ينتقل من موضع إلى موضع، فسبحان من ألهم كل حيوان ما فيه مصالح نفسه.

(ومنها) الكوسج، وهو نوع من السمك شر من الأسد، في الماء يقطع الحيوانات بأسنانه كما يقطع السيف الماضي، ورأيته وهو سمك مقدار ذراع أو ذراعين وأسنانه كأسنان الإنسان ينفر الحيوان منه، وإذا أدرك سمكة كبيرة قطعها، وإذا أدرك آدميا قتله أو قطع يده أو رجله، فإن ذئبة عظيمة في هذا البحر، وله وقت معين يكثر فيه بدجلة البصرة.

(ومنها) حيوان يعرف بالتنين شر من الكوسج، في فمه أنياب مثل أسنة الرماح، وهو طويل مثل النخلة وهو أحمر العينين مثل الدم، كريه المنظر جدّا، يفر منه الكوسج وغيره.

(ومنها) سمكة خضراء اللون، أطول من ذراع خرطوم عظيم أقصر من ذراع يشبه منشارا، يكون كلا حديه أسنانا يضرب بها الحيوان فيجرحه، ومن هذا النوع في بحر الحبابة كثير، رأيتهم يصطادونه مقليّا في السوق هناك.

(ومنه) سمكة مدورة ذنبه أطول من ثلاثة أذرع، وعلى وسط ذنبها شوكة معقفة شبه كلاب، وهي سلاحها تضرب بها وهي نمراء بياضها في غاية البياض ونقطة سوادها في غاية السواد، ولها منخران على ظهرها وفم على بطنها، وفرج كفرج النساء، والبحر لا تحصى عجائبه.

وفي هذا القدر كفاية، والله الموفق.

(ولنختم) عجائب هذا البحر بحكاية عجيبة من دردوره، أوردها صاحب كتاب (عجائب البحر) في كتابه، قال: حدثني رجل من أصفهان أنه ركبته ديون ونفقة عيال عجز عنها ففارق أصفهان، ودارت به الدوائر حتى ركب البحر مع بعض التجار.

قال: فتلاطمت بنا الأمواج حتى جعلناه في دردور بحر فارس المشهور، فاجتمع التجار إلى المعلم (١) وقالوا: هل تعرف لأمرنا مخلّصا؟ فقال المعلم: يا قوم إن هذا دردور لا يتخلص منه مركب إلا ما شاء الله تعالى، فإذا سمح أحدكم بنفسه لأصحابه وأنا أبذل جهدي لعل الله يخلصنا.


(١) المعلم: قائد السفينة والمتحكم في سيرها، ويسمى هذه الأيام (بالقبطان).

<<  <   >  >>