(بقرة الماء) زعموا أنه حيوان يطلع إلى البر للرعي روثه عنبر، والله أعلم بصحته، فإن الناس ذهبوا إلى أن العنبر ينبت في قعر البحر كالقير والنفط، فإن كان صحيحا فروث هذا الحيوان ينفع الدماغ والحواس والقلب، والله أعلم.
(بال) نوع من السمك عظيم يأكل العنبر فيموت، وقد ذكرناه في بحر الزنج فلا نعيده، وفي دماغه دهن كثير ويستعملونه لإشعال السرج.
(تمساح)(١) هو حيوان على صورة الضب من أعجب حيوان الماء، له فم واسع وستون نابا في فكه الأعلى، وأربعون نابا في فكه الأسفل، وبين كل نابين سن صغير مربع يدخل بعضه في بعض عند الانطباق، ولسان طويل، وظهره كظهر السلحفاة، ولا يعمل الحديد فيه، وله أربعة أرجل وذنب طويل، رأسه ذراعان، وغاية طوله ثمانية أذرع، يحرك فكه الأعلى عند المضغ بخلاف سائر الحيوانات.
ولا يقدر أن يلتوي ولا أن ينقبض؛ لأنه ليس لظهره خرزات، بل ظهره قطعة واحدة، وهو كريه المنظر جدّا كثير العدوان، يلتقم الآدمي والشاة ويقتل الخيل والجمال، ولا يوجد إلا في النيل ونهر السند.
وإذا رأى إنسانا على طرف الماء يمشي تحت الماء إلى أن يقرب منه، ثم يثب وثبة واحدة يأخذه، ويبيض كالطيور ويشم من بيضه رائحة المسك، وذبله يخرج من فيه؛ إذ لا منفذ له، وإذ أكل يبقى في خلل أسنانه شيء يتولد منه الدود فيخرج من الماء ويفتح فاه مستقبل الشمس، فيأتيه طائر مثل الطيور، ويدخل فاه ويلتقط ما في خلل أسنانه، فإذا رأى صيادا رفرف وصاح وأخبر التمساح حتى يرجع إلى الماء، فإذا أحس التمساح أنه نقى خلال أسنانه أطبق فاه على الطائر ليأكله.
وقد خلق الله تعالى على رأس ذلك الطائر عظما أحد من الإبرة فيضرب به حنك التمساح فيرفع حنكه فيطير الطائر، وإذا انقلب التمساح لم يستطع أن يتحرك، وإذا أراد السفاد خرج من النيل وأنثاه معه، فيلقي الأنثى على ظهرها، وإذا قضى وطره قلبها، فإن تركها صيدت؛ فإنها لا تقدر أن تنقلب.
(١) مما لا شك فيه أن هذه الكائنات موجودة في البحار منذ القدم إلى عصرنا هذا، وإن اختلفت المسميات فالأصل موجود، ولو انقرض بعضها فأكثرها موجود، والتمساح حيوان برمائي في شكل الضب، كبير الجسم، طويل الذنب، قصير الأرجل، على رأسه وظهره وذنبه ترس متين كترس السلاحف.