للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأمرها أن تغني فغنت:

أبكى فراقهم عيني فأرقها … إن التفرق للمشتاق بكاء

ما زال يعدو عليهم ريب دهرهم … حتى تفانوا وريب الدهر عداء

فزجوا وتطير من قولها، وقال لها: لعنك الله ما عرفت غير هذا. فقالت: يا سيدي ما قصدت إلى ما نطقت إلا أنك تحبه فعاد إلى حزنه فأقبلنا نحدثه إلى أن ضحك ثم أقبل وقال لها هاتي ما عندك فغنت:

همو قتلوه كي يكونوا مكانه … كما فعلت يوما بكسرى مرازبه

بني هاشم كيف التواصل … بيننا وعند أخيه سيفه ونجائبه

فزجرها وعاد إلى الحالة الأولى فسليناه حتى عاد إلى الضحك، وأقبل عليها في الثالثة وقال لها: غني غنت:

أما ورب السكون والحرك … إن المنايا شديدة الشرك

ما اختلف الليل والنهار ولا … دار نجم السماء في فلك

إلا بنقل النعيم عن ملك … قد انتهى ملكه إلى ملك

وملك ذي العرش دائم أبدا … ليس بفان ولا بمشترك

فقال لها: قومي لعنك الله، فعثرت بالقدح الذي كان بين يديه فكسرته، وكانت ليلة مقمرة ونحن على شاطئ دجلة فقمنا متعجبين مما شاهدنا متفكرين في أمره فسمعنا قائلا يقول: ﴿الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيانِ (٤١)[يوسف: ٤١] وكان ذلك آخر الإجتماع به.

وحكى صاعد بن محمود النهاوندي أنه كان ببغداد عراف من الطرقيين يخبر بأشياء قلما يخطئ فيها بجاءه رجل وقال له: إن لي مسألة إن أصبت فيها فلك كذا وكذا، فقال: سلها، فقال:

إن أخرجتها لك لا أطمئن إلى جوابها، فمكث يسيرا ثم قال: تسألني عن محبوس؟ فقال: أصبت والله، فأخبرني عن حبسه؟ فقال: الشرط أملك إذا وفيت بالوعد أخبرتك بحاله فمضى الرجل إلى بيته وأتما بما وعده به وقال: أخبرني عن حبسه، فقال: إنه يخرج عن قريب، ويخلع عليه فلم يمض أيام حتى كان الأمر على ما قال فأتى السائل إلى العراف وقال له: أخبرني بكيفية معرفتك أمر هذا المحبوس، فقال له: اعلم أني إذا سئلت عن شيء أنظر أمامي وعن يميني وعن يساري

<<  <   >  >>