للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والسهول والبراري فإن في كل بقعة من هذه البقاع ألوانا من المخلوقات مخالفة لما في البقعة الأخرى.

ومن الناس من يقول: أي فائدة في هذه الهوام مع كثرة ضررها؟

ولم يدر أن الله تعالى يراعي المصالح الكلية كإرسال المطر فإن فيه مصالح البلاد والعباد وإن كان فيه خراب بيت العجوز؛ فهكذا خلق هذه الحشرات من المواد الفاسدة والعفونات الكامنة لتصفو لحومها ولا يعرض لها الفساد الذي هو سبب الوباء وهلاك الحيوان والنبات، وإن كان يتضمن لسع الذباب، والبق.

والذي يحقق ذلك أنا نرى الذباب والديدان والخنافس في دكان القصّاب والدباس أكثر ما يرى في دكان البزار والحداد الوباء، ثم جعل صغاره مأكولا لكبارها وإلا امتلأ وجه الأرض منها فليس في ملكوته ذرة إلاّ وفيها من الحكمة ما لا يحصى.

وأعجب من هذا أن كل ما جعل سببا لهلاك حيوان جعل لحمه سببا لدفع ذلك السم فإن الأطباء الأقدمين جعلوا في لحم الحية قوة تقاوم سمها فأدخلوا لحمها في الترياق.

والتجربة تشهد أن من لدغه العقرب يلطخ الموضع برطوبة العقرب يسكن ألمها في الحال.

ثم إن هذا النوع من الحيوانات يختلف حالها عند الشتاء؛ فمنها ما يموت من برد الهواء كالديدان والبق والبراغيث، ومنها ما يكمن في الشتاء ولا يأكل شيئا كالحيات والعقارب، ومنها ما يدخر ما يكفيه لشتائها كالنحل والنمل؛ فإنها لا تعيش بلا طعم.

ولنذكر بعضها مرتبا على حروف المعجم إن شاء الله تعالى، والله الموفق للصواب.

حرف الألف (أرضه) دودة بيضاء صغيرة تبني على نفسها أزجا شبه دهليز؛ خوفا من عدوها كالنمل وغيره وإذا أتت عليها سنة بنبت لها جناحان طويلان تطير بهما، وهي التي دلت الشياطين على موت سليمان وإذا خرب أزجها اجتمعت كلها على إعادته، ولها مشفران حادان تثقب بهما الحجارة والآجر والنمل عدوها، وهي أصغر من الأرضة جثة فيأتي من خلفها ويحملها ويمشي بها إلى جحره وإذا أتاها مستقبلا لها لا يغلبها؛ لأنها تقاومه.

<<  <   >  >>