للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للحيوان الكبير فانظر إلى صغر جسمه فإن الطرف يدركها بالشدة لصغره، ثم إلى رأسه؛ لأن رأسه لم تكن من جسمه، وفيه القوة الباصرة والسامعة ثم إلى دماغه.

وانظر كم يكون دماغه من رأسه فإن فيها القوى الباطنة الخمسة؛ لأن فيها الحس المشترك؛ لأنها ترى الحيوانات فتمشي إليها، وفيها الخيال؛ لأنها إذا وقعت على الحيوان تغمس خرطومها، وإذا وقعت على الحائط لا تفعل ذلك، وفيها الوهم؛ لأنه يفرق بين من يقصدها فتهرب وبين من لا يقصدها فتبقى، وفيها الحافظة؛ لأنها تجذب الدم وتهرب في الحال لعلمها بأنها أوجعت فيأتيها صدمة المتألم، وفيها المفكرة؛ لأنها إذا أحست بحركة يد الإنسان تهرب لعلمها أنها مهلكة وإذا سكنت يده عادت إلى مكانها لعلمها أن المنافي ذهب، وأن محل الغذاء قد خلا، ولها خرطوم أدق شيء يمكن أن يقال، ومع دقته مجوف حتى يجري فيه الدم الرقيق، وخلق في رأس الخرطوم قوة يضرب بها جلد الفيل والجاموس ينفذ فيهما، والفيل والجاموس يهربان من البعوض في الماء فسبحان من لا يعرف دقائق حكمه إلاّ هو.

يؤخذ من البعوض ثلاث وشيء من الصمغ ويحبب، ويجعل في كل حبة منه واحدة ويبلعها صاحب حمى الربع يوم النوبة، ولا يضع قدمه على الأرض فإنها تزول بإذن الله تعالى.

(ثعبان) حيوان عظيم الهيئة ذو شكل هائل ومنظر مهاب.

قال ابن سينا: أصغر أصنافها على ما ذكر خمسة أذرع، وأما الكبار فمن ثلاثين ذراعا إلى ما فوق ذلك، ويكون له عينان كبيرتان وتحت الفك الأسفل شعر كالذقن وله أنياب كثيرة.

وقال قوم: إنها تكثر بناحية النوبة والهند، والهندية كبيرة جدّا ولها وجوه صفر وسود وأفواه شديدة اللسعة وحواجب تغطي عيونها وأعناقها مفلسة.

قال ابن سينا: قد رأينا من هذا القبيل ما على حاجبها ورقبتها شعر غليظ، وذكورها أخبث من إناثها تبتلع ما تجده من الحيوانات فربما كان في الشي الذي ابتلعته عظم فيأتي جرم شجرة أو حجرا شاهقا فينطوي عليه انطواء شديدا فيتكسر ذلك العظم، وإذا صار إلى الماء يعيش فيه ويصير مائيّا وإذا صار إلى البر صار بريّا، بعد أن طال مكثه في الماء، ويأوي إلى الجبال الشامخة ليستروح ببرد الهواء من شدة وهج حرارة السم.

<<  <   >  >>