(ومنها) ما حدثنى بعض الفقهاء بالموصل أنه شاهد في الأكراد وهم جيل يسكنون بعض جبال الموصل في زماننا - إنسانا طوله تسعة أذرع وهو بعد صبي ما بلغ الحلم، وكان أخذ بيد الرجل القوي فيرميه خلفه وأراد صاحب الموصل أن يستخدمه فذكروا له أن في عقله خبلا لا يصلح لذلك.
(ومنها) ما ذكره أبو سعيد الشيراجي عن بعض أهل الكتاب أنه قال: دخلت على يحيى بن أكثم القاضي وإلى جانبه قمطر فيه طائر على صورة الزاغ برأس كرأس الإنسان وعلى صدره وظهره سلعتان فقلت له: ما هذا أصلحك الله؟ فقال لي: سله عنه. فقلت: ما أنت؟ فانتهض وأنشد بلسان فصيح وجعل يقول:
أنا الزاغ (١) أبو عجوة … أنا ابن الليث واللبوة أحب الراح والريحان
والنشوة والقهوة … ولي أشياء تستظرف يوم العرس والدعوة
فمنها سلعة الظه … ر تسترها الفروة وأما السلعة الأخرى
فلو كانت لها عروة … لما شك جميع النا س فيها أنها ركوة
ثم صاح ومد صوته: زاغ زاغ، وانطرح في القمطر، فقلت: أيها القاضي هو عاشق؟ قال ما ترى لا علم لي به، حمل إلى أمير المؤمنين من كتاب مختوم فيه ذكر حاله.
(ومنها) ما روي عن الشافعي رضي الله تعالى عنه قال: دخلت بلدة من بلاد اليمن فرأيت فيها إنسانا من وسطه إلى أسفله بدن امرأة، ومن وسطه إلى فوقه بدنان مفترقان بأربع أيد ورأسين ووجهين وهما متقابلان ويأكلان ويشربان ويغضبان ويصطلحان، ثم غبت عنهما سنين، ورجعت فقيل لي: أحسن الله عزاءك في أحد الجسدين فتوفي وربط من أسفله بحبل وشد وترك حتى ذبل ثم قطع، فعهدي بالجسد الآخر في السوق ذاهبا وجائيا.
(ومنها) دجاجة برأسين، ودجاجة بأربعة أرجل فسبحان القادر على ما يشاء.
(وليكن) هذا آخر الكلام في عجائب المخلوقات والحيوان والله تعالى أعلم، وأسأله سبحانه أن يجعل عاقبته إلى خير بمحمد ﷺ وعلى آله وأصحابه الطاهرين، وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين، والحمد لله رب العالمين.
(١) الزاغ: من أنواع الغربان صغير يشبه الحمامة (ج) زيغان.