(الفرع الثاني) قد وصف عند الفرع الأول، وطلوعه لاثنتين وعشرين ليلة تخلو من آذار، وسقوطه لاثنتين وعشرين ليلة تمضي من أيلول، ونوؤه محمود، وطلوع الفرعين وغروبهما يكون في إقبال البرد وإدباره، وعند سقوط الفرع المؤخر يجز النخل بالحجارة وتهامة وكل غور، ويشتار العسل، وفي نوئه آخر أمطار الشتاء، وفيه يكثر العنب ويدرك النبق والبلاقاء، ويستوي الليل والنهار، ورقيب الفرع الثاني العواء.
(بطن الحوت) هي كواكب كثيرة في مثل حلقة السمكة، وتسمى الرشاء أيضا، وهي كواكب معترضة ذنبها نحو اليمن ورأسها نحو الشام، وطلوعها لأربع ليال تخلو من نيسان، وسقوطها لخمس تمضي من تشرين الأول، وعند سقوطه ينتهي غور المياه، ويطلع بعده الشرطين، ويعود بالأمر إلى ما كان عليه في السنة الأولى، وتقول العرب: إذا طلعت السمكة أمكنت الحركة، ورقيب بطن الحوت السماك.
ونوؤه غزير المطر قلما يخلف، وهو أوان حصاد الشعير بالجروم، قال أبو إسحاق الزجاجي: إن السنة أربعة أجزاء، كل جزء منها سبعة أنواء، كل نوء منها ثلاثة عشر يوما، وزادوا فيها يوما لتتم السنة ثلاثمائة وخمسة وستين يوما، وهو مقدار قطع الشمس فلك البروج، والله الموفق.
(النظر العاشر في فلك البروج) اعلم أنه ليس فلكا كسائر الأفلاك، بل هو أمر موهوم؛ وذلك لأنهم ذهبوا إلى أن لكل كوكب من الكواكب كرة تخصه، وأن لكل كرة حركة تخصها، وأن الكوكب مركوز في جرم الفلك كنقطة، وأن كل كرة تتحرك على قطبين، وأن النقطة التي عليها برسم دائرة موهومة على سطح الكرة، فإذا تحرك فلك الشمس من المشرق إلى المغرب كانت حركته قسرية، وإنما حركة فلك الشمس المختصة به من المغرب إلى المشرق فإذا تمت دورته حدثت من مركز الشمس دائرة عظيمة في فلك الشمس، وتتوهم هذه الدائرة قاطعة للعالم؛ فتحدث في سطح الفلك الأعلى دائرة عظيمة مركزها مركز العالم وهي الدائرة التي تسمى فلك البروج.
ثم إن الدائرة التي هي أعظم الدوائر التي تمر بمركز العالم، وتقطع العالم نصفين وقباها قطبا العالم اللذان يسميان الشمالي والجنوبي تسمى دائرة معدل النهار، فنقول: دائرة فلك البروج تقطع دائرة معدل النهار نصفين على نقطتين متقابلتين، تسمى إحداهما: نقطة الاعتدال الربيعي، والأخرى: نقطة الاعتدال الخريفي، ثم تتوهم دائرة أخرى تمر بنقطتي معدل النهار، وهما قطبا