بها الهواء فيحدث الريح وربما يحلل تلك الأدخنة الهواء فتحرك من جانب إلى جانب، فيحدث منها الريح أيضا، وسبب تحلل الهواء لها إما من خروجها من مخرج معوج أورد الرياح النازلة إياها من الصعود المستقيم، وربما تصل إليها رياح أخر، وتمدها أدخنة من السفل فتميلها إلى جهة أخرى، والله الموفق.
ومن الرياح العجيبة (الزوبعة) وهي الريح التي تدور على نفسها شبه منارة وأكثر تولدها من رياح ترجع من الطبقة الباردة فتصادف سحابا تذروه الرياح المختلفة فيحدث من دوران الغيم تدوير في الريح فينزل على تلك الهيئة، وربما يكون مسلك صعودها مدورا فيبقى هبوبها كذلك مدورا، كما يشاهد في الشعر الجعد فإن سبب جعودته قد يكون لا عوجاج المسام وربما يكون سبب الزوبعة التقاء ريحين مختلفين الهبوب، فإنهما إذا تلاقيا تمنع إحداهما الأخرى عن الهبوب فيحدث بسبب ذلك ريح مستديرة تشبه منارة، وربما صادفت الزوبعة السفينة فترفعها وتدورها وتغرقها، وربما وقعت قطعة من الغيم في وسط الزوبعة فتدورها في الهواء فترى شبه تنين يدورها في الجو، وهذا كله من أر الله وقدره، والله أعلم بالصواب.
(القول في أصول الرياح) أصول الرياح أربعة:
(الشمال) ومهبها من بنات نعش إلى مغرب الشمس، (والجنوب) ومهبها من مطلع سهيل إلى مشرق الشمس، (والصبا) ومهبها من مطلع بنات نعش إلى لمشرق، (والدبور) ومهبها من مطلع سهيل إلى المغرب.
(أما الشمال) فإنها باردة يابسة لأنها تأتي من الناحية التي لا تسامتها الشمس أصلا، بل لا تقرب منها وتكون الثلوج والمياه الجامدة بها كثيرة فالريح يجتاز بها ويكتسب منها، وأيضا هذه الناحية ليلة البحار كثيرة البراري والجبال فتكتسب منها يبسا، وتكون أشد هبوبا من الجنوب؛ لأنها تهب من موضع ضيق من وسط الجبال، والجبال بناحية الشمال كثيرة فيكون مهبها كخروج الماء من الأنبوب الضيق.
(وأما الجنوب) فمهبها على البحار المتسعة فتكون كخروج الماء من الإناء الواسع الرأس، والشمال تصح الأبدان وتصلبها وتقوى الأدمغة وتصفى اللون وتصحح الحواس وتهيج الشهوة، وزعموا أن الرياح الشمالية والجنوبية إذا دام هبوبها على مواضع تولد الحيوان، والشمالية تجعل أكثر أولادها ذكورا، والجنوبية أكثر أولادها إناثا، والله أعلم.