للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[السيرة النبوية المصدر الثاني للتشريع في دين الإسلام]

القاعدة الأولى: أن السنة هي المصدر الثاني للتشريع في الدين الإسلامي؛ إذ المصدر الأول بلا جدال هو القرآن الكريم، والمصدر الثاني هو السنة المطهرة.

والسنة: هي كل قول أو فعل أو تقرير لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

بمعنى: أن أي فعل فعله أحد الصحابة وأقره عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن سكت عنه أو استحسنه فهو من السنة المطهرة، وليس من الممكن أن تعرف السنة من غير دراسة السيرة النبوية.

إذاً: مصادر التشريع الرئيسية هي القرآن والسنة، وهناك مصادر أخرى كثيرة، مثل: الإجماع والقياس والاستحسان والمصالح المرسلة والاستصحاب والعرف إلى مصادر كثيرة اختلف الفقهاء في ترتيبها، لكن لم يختلف أحد في أن القرآن هو المصدر الأول والسنة هي المصدر الثاني، وليس عنهما بديل.

السنة في غاية الأهمية في التشريع الإسلامي، وكذلك السيرة لا بد منها لفهم السنة في التشريع الإسلامي، يقول الله عز وجل في كتابه الكريم: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل:٤٤]، من غير السيرة ومن غير السنة لن تستطيع أن تفهم القرآن الكريم.

عندما نمر على حدث من أحداث حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنحن نمر على أمر من الأمور التشريعية في الدين الإسلامي لحياة المسلمين؛ لأننا ندرس في السيرة الدين، فليست دراسة السيرة مجرد شيء لطيف نقرؤه، أو نتسلى بقراءته، أو مجرد سيرة رجل عظيم، هذا هو دينك، هذا هو الذي ستقابل به الله سبحانه وتعالى وسيسألك عنه، ولو فهمت السيرة بشكل صحيح وطبقتها ستقابل ربك بوجه حسن، وبعمل صالح.

ثم أحذركم من طائفة بعضهم من المسلمين تشك في أمر السيرة النبوية، وتزعم أنها تكتفي بالقرآن الكريم، وقد تنبأ الرسول صلى الله عليه وسلم بهذه الطائفة في الحديث الذي رواه أبو داود والترمذي، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يوشك رجل منكم متكئ على أريكته يُحدث بحديث عني فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله، فما وجدنا فيه من حلال استحللناه، وما وجدنا فيه من حرام حرمناه، ألا وإن ما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل الذي حرم الله).

ونحن أيضاً نقول لهم: استمعوا إلى كلام الله عز وجل في القرآن الكريم الذي تؤمنون به، يقول الله عز وجل في كتابه: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء:٨٠].

ويقول: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ} [النساء:٦٥] أي: يحكموك أنت يا محمد {فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء:٦٥].

ويقول سبحانه وتعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر:٧].

والصحابة رضي الله عنهم ما كانوا يفرقون بين قرآن وسنة، أما لو كان أحد لا يؤمن بالقرآن أصلاً وبأوامر القرآن فلا داعي للكلام معه، إذ الأمر معه منقطع.

إذاً: فكل حدث في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم قد يكون أمراً تشريعياً، حتى وإن كان جزئياً من الدين، لا بد أن تنتبه له لكي تطبقه، وإذا لم تطبقه فلعلك أن تضل وتبعد، ثم يقال لك: سحقاً سحقاً.