للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وقفة مع قتال الرسول صلى الله عليه وسلم لليهود بخيبر ومقارنة ذلك بقتال غير المسلمين]

نقف وقفة ونقول: يجب ألا ينسى المحلل لهذه الغزوة أنها من أولها إلى آخرها جاءت عقاباً لليهود على خياناتهم المتكررة، وتأليبهم القبائل العربية على حرب المدينة المنورة، ومحاولاتهم المستمرة لاستئصال أهل المدينة المنورة، واغتيال الرسول صلى الله عليه وسلم، وكون الرسول عليه الصلاة والسلام يقبل بخروجهم أحياء؛ فهذا تفضل منه صلى الله عليه وسلم، وكان من حقه أن يعاملهم بالمثل وبالقصاص بأن يقتل المقاتلة الذين يقاتلون منهم، لكن أقيمت المعاهدة على هذا النمط.

وكل الغربيين الذين حللوا موقعة خيبر يقولون: إن هذا من الظلم لليهود، وهذا من الشر في الحروب، وهذا من التجاوز في المعاملة! نقول: هذه طبيعة الحروب، وكان اليهود حريصين تمام الحرص على قتل المسلمين، والناظر إلى تاريخ الحروب في الأرض يجد أن حروب الرسول عليه الصلاة والسلام هي من أرحم الحروب مطلقاً في تاريخ الإنسانية، ولو نظرتم إلى حال الإنجليز والفرنسيين في الحروب، وإلى حال ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، فخسائر ألمانيا في الحرب العالمية الثانية (٢٠) مليون قتيل، منهم (٨٥٠) ألفاً من الجنود، يعني: أقل من مليون من الجنود، و (١٩) مليوناً من المدنيين قتلوا في الحروب، بينما في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام لم يقتل مدني أبداً، بل كان يأمر الناس أن (اغزوا في سبيل لله، على بركة الله، لا تقتلوا شيخاً كبيراً، ولا طفلاً صغيراً، ولا امرأة، ولا منعزلاً في صومعة) ولا أي إنسان لم يقاتل المسلمين، وكان يفرق صلى الله عليه وسلم بين الكافر الذي يقاتل المسلمين، والكافر الذي لا يقاتل المسلمين، بل أمر الله عز وجل أن يبلغ الكافر الذي لا يقاتل المسلمين مأمنه، ويعلم الدين، فالأمر ليس على إطلاقه أننا نحارب كل الكفار ونقتل كل الكفار، بل نقاتل من قتل المسلمين أو وقف أمام نشر الدين، فهذا أمر لا بد أن نضعه في حساباتنا عند تحليل غزوة خيبر وفتح خيبر، فقد كان فيها رحمة كبيرة، وبرغم الهزيمة القاسية التي وقعت على اليهود؛ إلا أنه لم يقتل من اليهود غير ثلاثة وتسعين مقاتلاً، واستشهد من المسلمين ستة عشر إلى ثمانية مجاهداً حسب اختلاف الروايات.