للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:
مسار الصفحة الحالية:

[اعتذار]

في النهاية بعد أن عشنا هذه اللحظات السعيدة في ظلال السيرة النبوية أحب أن أختم هذه اللحظات برسالة أوجهها بكل ذرة في كياني إلى حبيبي وحبيبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أقول له: عذراً يا رسول الله، عذراً إن كنا نجهل الكثير والكثير من حياتك، فسيرتك الإحاطة بها أمر مستحيل، لكن عزاؤنا أننا نحاول ونحاول ونقرأ ونبحث ونجمع ونحفظ ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، عذراً -يا رسول الله- إن كنا قد قصرنا في الكثير من سننك، فليس هذا -أبداً- تقليلاً من شأنها أو إهمالاً لقدرها، فإنا -والله- نعلم أن الخير كل الخير فيها، وأن الرحمة كل الرحمة في باطنها، ونعدك أن نأتي منها ما استطعنا كما أمرتنا، وأن ندرب أنفسنا وأزواجنا وأولادنا وإخواننا وكل أهلنا ومن وصلنا إليه من أتباعك وأحبابك، ندرب كل هؤلاء على تطبيقها واتباعها والتحلي بها.

عذراً -يا رسول الله- إن كانت تمر علينا أيام فلا نذكر طرفاً من سيرتك، ولا موقفاً من مواقفك، ولا حديثاً من أحاديثك، فإنا -ولا حول ولا قوة إلا بالله- قد شغلتنا أموالنا وأهلونا عن تذكر كلماتك العاطرة، وتوجيهاتك الحكيمة، ليس هذا -والله- نفاقاً ولا جحوداً، ولكن تقصير نرجو له تداركاً إن شاء الله، وخطأ نرجو له إصلاحاً، فنحن -والله- نحبك، بل نحب الثرى الذي مشيت عليه، والديار التي سكنت فيها، والبلاد التي عشت فيها، ولا نصبر على فراقك والبعد عنك، وأملنا أن نلقاك على الحوض إن شاء الله.

عذراً -يا رسول الله- إن جهل عليك بعض الجاهلين من أبناء أمتك فتطاولوا عليك باعتراض، أو تهجموا عليك بشبهة، فهذا الجهل منهم لا يقلل إلا من شأنهم هم، ولا يحط إلا من قدرهم هم، وحلمك -كما نعلم- أوسع من جهلهم، وعلمك أشمل من علمهم، وما جرأهم عليك إلا سوء تربيتهم، وفساد مناهجهم، وجريهم وراء كل غربي، وفتنتهم بشركائهم من الجن والإنس، وسوف يعلمون في يوم قريب من السعيد ومن الشقي، ومن الذي يرحب به ويسقى من حوضك، ومن الذي يقال له: سحقاً سحقاً.

عذراً -يا رسول الله- إن كانت أمتك الآن ليست على الصورة التي تحب، وليست في المكان الذي تريد؛ فهذه تراكمات سنين وأخطاء أجيال، لكن عزاؤنا أننا عدنا بفضل الله إلى جادة الطريق، فقامت الصحوة الإيمانية، وازدهرت الدعوة الإسلامية، وحرص الكثير من أبناء أمتك على تدارك ما فاتهم واللحاق بركب الصالحين، ولا نشك أبداً أن هذا طريق العزة لهذه الأمة، فنحن -إن شاء الله- فيه سائرون صابرون مجاهدون، وبشارتك معنا أنه لا تزال طائفة من أمتك ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك، نسأل الله أن نكون منهم.

وختاماً: نسأل الله عز وجل أن يشفعك فينا، وأن ييسر لنا أن نشرب من حوضك يوم القيامة شربة هنيئة لا نظمأ بعدها أبداً، وأن يجعلنا ممن يدخلون الجنة معك، ويرفعون إلى صحبتك، فقد بشرتنا بأن المرء يحشر مع من أحب، ونحن -والله- نحبك ونحب أصحابك وإن لم نعمل بأعمالكم.

نسأل الله أن يغفر لنا تقصيرنا، وأن يستر عيوبنا، وأن يكفر عنا سيئاتنا، وأن يرفع لنا درجاتنا، وأن يجعلنا مع الذين أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وأزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم صل على محمد عبدك ورسولك كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم، اللهم صل على محمد وأزواجه أمهات المؤمنين وذريته وأهل بيته كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم اجعل صلاتك ورحمتك وبركاتك على سيد المرسلين وإمام المتقين وخاتم النبيين محمد عبدك ورسولك إمام الخير وقائد الخير ورسول الرحمة، اللهم ابعثه مقاماً محموداً يغبطه به الأولون والآخرون، اللهم آت محمداً الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته، اللهم جازه عنا وعن المسلمين وعن العالمين خير الجزاء، وصل اللهم عليه في الأولين، وصل اللهم عليه في الآخرين، وصل اللهم عليه في الملأ الأعلى إلى يوم الدين، آمين، آمين.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

<<  <  ج: ص: