[موقف هوذة بن علي صاحب اليمامة من رسالة النبي صلى الله عليه وسلم له]
أما هوذة بن علي صاحب اليمامة، فإنه عندما وصلت إليه الرسالة لم يفكر في الإسلام؛ لأنه أعجب بالإسلام، لكنه فكر فيه لأنه شعر بقوة الرسول صلى الله عليه وسلم، وتنبأ لدولة الرسول صلى الله عليه وسلم بمستقبل كبير، من أجل ذلك قرر أنه يفاوض الرسول عليه الصلاة والسلام وأرسل له رسالة، قال فيها:(ما أحسن ما تدعو إليه وأجمله، والعرب تهاب مكاني، فاجعل لي بعض الأمر أتبعك)، هذه مساومة.
والرسول صلى الله عليه وسلم في رسالته إلى هوذة بن علي وعده أن يعطيه ما تحت يديه من اليمامة إن أسلم، لكن هوذة بن علي رغب في مساومة الرسول عليه والصلاة والسلام حتى يأخذ ملكاً أكبر، وعلق إسلامه على هذا الشرط، والرسول صلى الله عليه وسلم يرفض أن يطلب أحد الإمارة، ويرفض أن يعطي الإمارة لمن يطلبها، كما جاء في البخاري ومسلم عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه وأرضاه قال:(إنا والله لا نولي هذا العمل أحداً سأله ولا أحداً حرص عليه)، لماذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يمنع الإمارة لمن يطلبها؟ لأنه يعلم أن من سيتولى الإمارة وهو حريص عليها فلن يعود ضرره عليه فقط، ولكن سيعود الضرر على كل من يقود؛ لأنه مفتون بالإمارة، وسيضحي من أجلها لا من أجل الإسلام، ولأنه لو تعارض الإسلام مع استمراره في الإمارة سيترك الإسلام ويتمسك بالإمارة، وهنا قد يتبعه قومه، وستكون كارثة ومشكلة كبيرة؛ من أجل ذلك لم يكن الرسول عليه الصلاة والسلام يعطي الإمارة لأحد طلبها، ومن أجل ذلك علق الرسول عليه الصلاة والسلام على موقف هوذة بن علي وقال:(لو سألني قطعة من الأرض ما فعلت)، ثم تنبأ له بالهلكة، قال:(باد وباد ما في يديه)، وتحقق تنبؤ الرسول صلى الله عليه وسلم بعد أقل من سنتين، حيث مات هوذة بن علي وفقد ملكه ولم يسلم.