وصل الجيش العملاق إلى الطائف، وتوقع الجميع معركة هائلة ستقع بين تجمع هوازن وثقيف في حصون الطائف في عقر دارهم وبين جيش المسلمين الضخم، وكما ذكرنا أن عدد قتلى المشركين في موقعة حنين (٧٠) رجلاً فقط، يعني: الجيش بكامله لا زال موجوداً في الطائف (٢٥٠٠٠) مقاتل أو يزيدون والجيش المسلم (١٢٠٠٠) مجاهد، فتوقع الجميع معركة هائلة، لكن رفض المشركون الخروج للحرب، فظلوا في حصونهم دون قتال، وحصون الطائف كانت شديدة المنعة، وإذا قرر أهل ثقيف وهوازن عدم الخروج فسيكون القتال صعباً للغاية.
ومع أن عددهم وعدتهم أضعاف المسلمين.
ومع أنهم يقاتلون في بلادهم التي خبروها، وهم في ظروف اعتادوا عليها، لكن ألقى الله عز وجل الرهبة في قلوبهم، فما استطاعوا أن يأخذوا قرار الحرب مرة ثانية، بل اكتفوا بفضيحة حنين.
ولاشك أن في هذا خزياً كبيراً جداً وصغاراً شنيعاً؛ لأن نساء وأموال وأنعام هوازن في يد المسلمين الآن، ومع ذلك فضلوا ألا يخرجوا لاستخلاص هذه الأنعام والأموال والنساء والأولاد من أيدي المسلمين، هذا خزي كبير جداً وذل ليس بعده ذل، فالرسول صلى الله عليه وسلم عندما رأى أهل الطائف من هوازن وثقيف يرفضون الخروج للقاء الفاصل لم يتنازل صلى الله عليه وسلم بسهولة، بل جمع الجيش الإسلامي وقرر ضرب الحصار على حصون الطائف المنيعة، لعلهم يفقدون الأمل ويخرجون، لكن أول ما فرض الحصار بدأ أهل الطائف بإطلاق السهام والرماح على المسلمين، وكانت حصونهم عالية وكبيرة، واشتد رميهم واستشهد من المسلمين اثنا عشر رجلاً، ولم تكن سهام المسلمين تصل إلى داخل الحصون، وأصبحت المشكلة كبيرة على المسلمين، فأشار الحباب بن المنذر رضي الله عنه وأرضاه أن يبتعد المسلمون عن الحصن حتى لا تصيبهم السهام، وبالفعل عسكر الرسول صلى الله عليه وسلم في مكان بعيد عن حصون الطائف، لكن أيضاً استمر الحصار على مدينة الطائف.