ذكرنا قصة المؤاخاة بين سعد بن الربيع وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهما، وكيف كان يريد أن يدفع نصف ماله ويطلق إحدى زوجاته لـ عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهم أجمعين، فكان سعد في تضحية وبذل حقيقي، وخاض طريقاً طويلاً حتى دخل موقعة أُحد، وفي يوم أُحد قاتل قتالاً عظيماً، وبعدما انتهت الموقعة وذهب المشركون، أخذ الرسول صلى الله عليه وسلم يطمئن على أصحابه فلم يجد سعد بن الربيع، فأمر زيد بن ثابت رضي الله عنه أن يبحث عن سعد بن ربيع وقال له:(إن رأيته فأقرئه مني السلام، وقل له: يقول لك رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف تجدك؟ -أي: كيف حالك؟ - قال زيد بن ثابت: فجعلت أطوف بين القتلى فأتيته وهو في آخر رمق، وفيه سبعون ضربة ما بين طعنة برمح وضربة بسيف ورمية بسهم، فقلت: يا سعد إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرئك السلام، ويقول لك: أخبرني كيف تجده؟ فقال: وعلى رسول الله صلى الله عليه وسلم السلام، قل له: يا رسول الله! أجد ريح الجنة، وقل لقومي الأنصار)، انتبه! إلى اللحظة الأخيرة من حياته ما زال إيجابياً يحمس الناس على الجهاد في سبيل الله، فمن الممكن أن يقول: لقد خسرت كل شيء وراح عمري، وراحت حياتي وراحت أموالي وتجارتي، لكنه لم يفكر في كل هذا، كل الذي كان يفكر فيه وهو يعالج سكرات الموت أن يوصي الأنصار بقوله:(لا عذر لكم عند الله إن خلص إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيكم عين تطرف).
سبحان الله! فأهم قضية عنده الحفاظ على رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى وهو في آخر لحظة من لحظات حياته؛ لذلك فإن سعد بن الربيع له قيمة كبيرة في ميزان الإسلام.