للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[خطة خالد بن الوليد في تدبير أمر الجيش في معركة مؤتة]

بدأ خالد بن الوليد بتنفيذ خطة بارعة عبقرية للوصول بالجيش إلى بر الأمان، وهذه الخطة لها هدف واضح، الهدف هو إشعار الرومان أن هناك مدداً كبيراً قد جاء للمسلمين؛ حتى يدخل جنود الرومان والعرب المتحالفين معهم الإحباط والخوف والذعر، فهم بصعوبة بالغة صمدوا أمام ثلاثة آلاف مجاهد في اليوم الأول، فكيف إذا جاءهم مدد؟ فماذا عمل خالد بن الوليد حتى يخيف ويرهب الجيش الروماني العربي الذي أمامه؟ أولاً: جعل الخيل أثناء الليل تجري في أرض المعركة، لتثير الغبار الكثير، فيخيل للرومان أن هناك مدداً قد جاء للمسلمين في الليل.

ثانياً: غير من ترتيب الجيش، فجعل الميمنة ميسرة والميسرة ميمنة، وجعل المقدمة مؤخرة والمؤخرة مقدمة، فلما رأى الرومان هذه الأمور في الصباح، رأوا الرايات والوجوه والهيئة قد تغيرت أيقنوا أن هناك مدداً قد جاء للمسلمين فهبطت معنوياتهم تماماً.

ثالثاً: جعل في آخر الجيش على بعد كثير من الجيش على أحد التلال مجموعة من الجنود المسلمين منتشرين على مساحة عريضة، ليس لهم دور إلا إثارة الغبار لإشعار الرومان بالمدد المستمر الذي يأتي المسلمين.

رابعاً: بدأ خالد بن الوليد في اليوم الثاني من المعركة يتراجع تدريجياً بجيشه إلى عمق الصحراء، فظن الرومان أن خالد بن الوليد يسحبهم ويستدرجهم إلى كمين في الصحراء، فترددوا في متابعته، ووقفوا على أرض مؤتة يشاهدون انسحاب خالد دون أن يجرءوا على مهاجمته أو على متابعته.

وبالفعل نجح مراد خالد بن الوليد وسحب الجيش بكامله إلى عمق الصحراء، ثم بدأ الجيش في رحلة العودة إلى المدينة المنورة سالماً.