الحكمة الخامسة من وراء نزول الرسالة في جزيرة العرب: أن أهل هذه البقعة من الأرض كانوا يؤمنون بالله سبحانه وتعالى، ويعلمون أنه الخالق، ولكنهم حكموا غيرهم في حياتهم، واتخذوهم إليه شفعاء، قال الله عز وجل في كتابه الكريم:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}[الزخرف:٨٧].
الذي يؤمن بالله ولكن عنده اضطراب في فهمه وقصور في إدراكه أقرب من الذي يؤمن بإله آخر، أو لا يؤمن بوجود إله أصلاً، ما كان في وقت البعثة النبوية على الأرض من يفقه هذه الحقائق إلا القليل، كان هناك على ظهر الأرض من يعبد النار وبوذا، والمسيح عليه السلام، وبقرة أو شجرة أو فأراً أو إلخ، كما هو واقع في الهند، لكن ربنا سبحانه وتعالى يعلمنا أن ندعو الأقرب فالأقرب، ندعو الذي يؤمن بوجود الله عز وجل قبل الذي ينكر وجوده، ندعو الذي يعظم الله عز وجل قبل الذي لا يعظمه، ندعو الذي يحب الدين ولكن لا يتبعه قبل الذي لا يحبه أصلاً.
ولست ضد دعوة اليهود والنصارى وأهل الأرض أجمعين، بل بالعكس، ولكن نبدأ بالأقرب فالأقرب، يعني: لا تترك جارك في السكن أو العمل أو النادي أو غيره دون دعوة وهو مسلم، وتتجه إلى دعوة غيره من غير المسلمين، لكن لو انتهيت من الدائرة التي حولك انتقل إلى الدائرة التي تليها، ولما تنتقل إلى الدائرة التي تليها ابحث عمن يحبون الإسلام، فهؤلاء أقرب إلى الدعوة من المعادين لدين الله عز وجل.